" صفحة رقم ٤١٣ "
وهي في إفادة العناية به تساوي كلمة ) لك (، لأن فعل الوضع المعدَّى إلى الوزر يدل على أن الوضع عنه فكانت زيادة ) عنك ( إطناباً يشيرإلى أن ذلك عناية به نظير قوله :( لك ( الذي قبله، فحصل بذكر ) عنك ( إيفاء إلى تعدية فعل ) وضعنا ( مع الإِيفاء بحق الإِبهام ثم البيان.
( ٥ ٦ )
الفاء فصيحة تفصح عن كلام مقدر يدل عليه الاستفهام التقريري هنا، أي إذا علمت هذا وتقرر، تعلَمُ أن اليسر مصاحب للعسر، وإذ كان اليسر نقيض العسر كانت مصاحبةُ اليسر للعسر مقتضيةً نقضَ تأثير العسر ومبطلة لعمله، فهو كناية رمزية عن إدراك العناية الإِلاهية به فيما سبق، وتعريض بالوعد باستمرار ذلك في كل أحواله.
وسياق الكلام وعد للنبيء ( ﷺ ) بأن يُيَسر اللَّهُ له المصاعب كلَّما عرضت له، فاليسر لا يتخلف عن اللحاق بتلك المصاعب، وذلك من خصائص كلمة ) مع ( الدالة على المصاحبة.
وكلمة ) مع ( هنا مستعملة في غير حقيقة معناها لأن العسر واليسر نقيضان فمقارنتهما معاً مستحيلة، فتعين أن المعيّة مستعارة لقرب حصول اليسر عقب حلول العسر أو ظهور بوادره، بقرينة استحالة المعنى الحقيقي للمعية. وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله تعالى :( سيجعل اللَّه بعد عسر يسراً في سورة الطلاق.
فهذه الآية في عسر خاص يعرض للنبيء، وآية سورة الطلاق عامة، وللبعْدية فيها مراتب متفاوتة.
فالتعريف في العسر ( تعريف العهد، أي العسر الذي عَهِدْتَه وعلمتَه وهو من قبيل ما يسميه نحاة الكوفة بأن ( ال ) فيه عوض عن المضاف إليه نحو قوله تعالى :( فإن الجنة هي المأوى ( ( النازعات : ٤١ ) أي فإن مع عُسرك يسراً، فتكون السورة كلها مقصورة على بيان كرامة النبي ( ﷺ ) عند ربه تعالى.