" صفحة رقم ٤١٧ "
كلها بالأعمال العظيمة. ومن هنا قال رسول الله ( ﷺ ) عند قفوله من إحدى غزواته :( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر )، فالمقصود بالأمر هو ) فانصب ). وأما قوله :( فإذا فرغت ( فتمهيد وإفادة لإِيلاءِ العمل بعمللٍ آخر في تقرير الدين ونفع الأمة. وهذا من صيغ الدلالة على تعاقب الأعمال. ومثله قول القائل : ما تأتيني من فلان صلة إلا أعقبْتها أخرى.
واختلفت أقوال المفسرين من السلف في تعيين المفروغ منه، وإنما هو اختلاف في الأمثلة فحذفُ المتعلِق هنا لقصد العموم وهو عموم عرفي لنوع من الأعمال التي دل عليها السياق ليشمل كل متعلق عمله مما هو مهم كما علمت وهو أعلم بتقديم بعض الأعمال على بعض إذا لم يمكن اجتماع كثير منها بقدر الإِمكان كما أقر الله بأداء الصلاة مع الشغل بالجهاد بقوله :( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك إلى قوله : كتاباً موقوتاً في سورة النساء ( ١٠٢، ١٠٣ ).
وهذا الحكم ينسحب على كل عمل ممكن من أعماله الخاصة به مثل قيام الليل والجهاد عند تقوي المسلمين وتدبير أمور الأمة.
وتقديم فإذا فرغت ( على ) فانصب ( للاهتمام بتعليق العمل بوقت الفراغ من غيره لتتعاقب الأعمال. وهذه الآية من جوامع الكلم القرآنية لما احتوت عليه من كثرة المعاني.
عُطِفَ على تفريع الأمر بالشكر على النعم أمر بطلب استمرار نعم الله تعالى عليه كما قال تعالى :( لئن شكرتم لأزيدنكم ( ( إبراهيم : ٧ ).
والرغبة : طلب حصول ما هو محبوب وأصله أن يعدى إلى المطلوب منه بنفسه ويعدى إلى الشيء المطلوب ب ( في ). ويقال : رغب عن كذا بمعنى صرَف رغبتهُ عنه بأن رغب في غيره وجُعل منه قوله تعالى :( وترغبون أن تنكحوهن ( ( النساء : ١٢٧ ) بتقدير حرف