" صفحة رقم ٤٢٠ "
والإِشارة بالأمور المقسم بها إلى أطوار الشرائع الأربعة إيماءً إلى أن الإِسلام جاء مصدقاً لها وأنها مشاركة أصولها لأصول دين الإِسلام.
والتنويهِ بحسن جزاء الذين اتبعوا الإِسلام في أصوله وفروعه.
وشملت الامتنان على الإنسان بخلقه على أحسن نظام في جثمانه ونفسه.
) وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَاذَا الْبَلَدِ الاَْمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى
أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (
ابتداء الكلام بالقَسَم المؤكد يؤذن بأهمية الغرض المسوق له الكلام، وإطالةُ القَسَم تشويق إلى المُقْسَم عليه.
والتينُ ظاهرة الثمرة المشهورة بهذا الاسم، وهي ثمرة يشبه شكلها شكل الكمثرى ذات قشر لونه أزرق إلى السواد، تتفاوت أصنافه في قُتومَة قِشره، سهلة التقشير تحتوي على مثل وعاء أبيضَ في وسطه عَسل طيّبٌ الرائحة مخلوط ببزور دقيقة مثل السِمسم الصغير، وهي من أحسن الثمار صورة وطعماً وسهولة مضغ فحالتُها دالة على دقة صنع الله ومؤذنة بعلمه وقدرته، فالقسم بها لأجل دلالتها على صفات إلاهية كما يقسم بالاسم لدلالته على الذات، مع الإِيذان بالمنة على الناس إذ خلَق لهم هذه الفاكهة التي تنبت في كل البلاد والتي هي سهلة النبات لا تحتاج إلى كثرة عمل وعلاج.
والزيتونُ أيضاً ظاهرة الثمرة المشهورة ذاتُ الزيت الذي يُعتصر منها فيطعمه الناس ويستصبحُون به. والقَسَم بها كالقَسَم بالتين من حيث إنها دالّة على صفات الله، مع الإِشارة إلى نعمة خلق هذه الثمرة النافعة الصالحة التي تكفي الناس حوائج طعامهم وإضاءتهم.
وعلى ظاهر الاسمين للتِّين والزيتون حملهما جمع من المفسرين الأوَّلين ابنُ عباس ومجاهد والحسن وعكرمةُ والنخعي وعطاء وجابر بن زيد ومقاتِل والكلبي وذلك لما في هاتين الثمرتين من المنافع للناس المقتضية الامتنان عليهم بأن خلقها الله لهم،