" صفحة رقم ٤٧٣ "
عن ملام من يلومهم على الإِعراض عن الإِسلام. وكذلك المشركون الذين حول المدينة من الأعراب مثل جُهَينة وغَطَفان، ومن أفراد المتنصرين بمكة أو بالمدينة.
وقد حكى الله عن اليهود أنهم قالوا :( إن الله عهد إلينا ألا نؤمنَ لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ( ( آل عمران : ١٨٣ )، وقال عنهم :( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ( ( البقرة : ٨٩ )، وحكى عن النصارى بقوله تعالى حكاية عن عيسى :( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ( ( الصف : ٦ ). وقال عن الفريقين :( ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردُّونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ( ( البقرة : ١٠٩ )، وحكى عن المشركين بقوله :( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ( ( القصص : ٤٨ ) وقولهم :( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( ( الأنبياء : ٥ ).
ولم يختلف أهل الكتابين في أنهم أخذ عليهم العهد بانتظار نبيء ينصر الدين الحق وجعلت علاماته دلائلَ تظهر من دعوته كقول التوراة في سفر التثنية :( أقيم لهم نبيئاً من وسط إخوتهم مِثلَك وأجعل كلامي في فمه ). ثم قولها فيه :( وأما النبي الذي يطغى فيتكلم كلاماً لم أوصه أن يتكلم به فيموت ذلك النبي وإن قلتَ في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب ( الإصحاح الثامن عشر ). وقول الإنجيل :( وأنَا أطلب من الأب فيعطيكم معزِّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد ( أي شريعته لأن ذات النبي لا تمكث إلى الأبد ) روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه ( يوحنا الإِصحاح الرابع عشر الفقرة ٦ ) ( وأما المعزي الروح القُدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلتُه لكم ( يوحنا الإِصحاح الرابع عشر فقرة ٢٦ ).
وقوله : ويقوم أنبياء كَذَبةٌ كثيرون، ( أي بعد عيسى ) ويُضلون كثيرين ولكن الذي يَصْبر إلى المنتهى ( أي يبقى إلى انقراض الدنيا وهو مؤول ببقاء دينه إذ لا يبقى أحد حياً إلى انقراض الدنيا ) فهذا يخلِّص ويكرر ببشارة الملكوت هذه في كل


الصفحة التالية
Icon