" صفحة رقم ٤٧٦ "
أن البينة هي الرسول وذلك مثل قوله تعالى :( قد أنزل اللَّه إليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات اللَّه ( ( الطلاق : ١٠، ١١ ).
فأسلوب هذا الردّ مثل أسلوب قوله تعالى :( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي باللَّه والملائكة قبيلاً أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللَّه بشراً رسولاً ( ( الإسراء : ٩٠ ٩٤ ).
وفي هذا تذكير بغلطهم فإن كتبهم ما وعدت إلا بمجيء رسول معه شريعة وكتاب مصدق لما بين يديه وذلك مما يندرج في قولة التوراة :( وأجْعَلُ كلامي في فمه ).
وقول الإنجيل :( ويُذَكِّرُكم بكل ما قلتُه لكم ) كما تقدم آنفاً، وهو ما أشار إليه قوله تعالى :( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ( ( المائدة : ٤٨ ) لأن التوراة والإنجيل لم يصفا النبي الموعود به إلا بأنه مثل موسى أو مثل عيسى، أي في أنه رسول يوحي الله إليه بشريعة، وأنه يبلغ عن الله وينطلق بوحيه، وأن علامته هو الصدق كما تقدم آنفاً. قال حجة الإِسلام في كتاب ( المنقذ من الضلال ) :( إن مجموع الأخلاق الفاضلة كان بالغاً في نبينا إلى حد الإِعجاز وأن معجزاته كانت غاية في الظهور والكثرة ).
و ) من اللَّه ( متعلق ب ) رسول ( ولم يُسلَك طريق الإِضافة ليتأتى تنوين ) رسول ( فيشعر بتعظيم هذا الرسول.
وجملة ) يتلوا صحفاً ( الخ صفة ثانية أو حال، وهي إدماج بالثناء على القرآن إذ الظاهر أن الرسول الموعود به في كتبهم لم يوصف بأنه يتلو صحفاً مطهرة.
والتلاوة : إعادة الكلام دون زيادة عليه ولا نقص منه سواء كان كلاماً مكتوباً أو محفوظاً عن ظهر قلب، ففعل ) يتلو ( مؤذن بأنه يقرأ عليهم كلاماً لا تُبَدَّل ألفاظه وهو الوحي المنزل عليه.


الصفحة التالية
Icon