" صفحة رقم ٤٨٥ "
( ٧، ٨ )
قوبل حال الكفرة من أهل الكتاب وحالُ المشركين بحال الذين آمنوا بعد أن أشِير إليهم بقوله :( وذلك دين القيمة ( ( البينة : ٥ )، استيعاباً لأحوال الفِرق في الدنيا والآخرة وجرياً على عادة القرآن في تعقيب نذارة المنذَرين ببشارة المطمئنين وما ترتب على ذلك من الثناء عليهم، وقدم الثناء عليهم على بشارتهم على عكس نظم الكلام المتقدم في ضدهم ليكون ذكر وعدهم كالشكر لهم على إيمانهم وأعمالهم فإن الله شكور.
والجملة استئناف بياني ناشىء عن تكرر ذكر الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فإن ذلك يثير في نفوس الذين آمنوا من أهل الكتاب والمشركين تساؤلاً عن حالهم لعل تأخر إيمانهم إلى ما بعد نزول الآيات في التنديد عليهم يَجعلهم في انحطاط درجةٍ، فجاءت هذه الآية مبينة أن من آمن منهم هو معدود في خير البريئة.
والقول في اسم الإِشارة، وضمير الفصل والقصر وهمز البريئة كالقول في نظيره المتقدم.
واسم الإِشارة والجملة المخبر بها عنه جميعها خبر عن اسم ) إن ).
وجملة :( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن ( إلى آخرها مبيِّنة لجملة :( أولئك هم خير البريئة ).
و ) عند ربهم ( ظرف وقع اعتراضاً بين ) جزاؤهم ( وبين ) جنات عدن ( للتنويه بعِظَم الجزاء بأنه مدَّخر لهم عند ربهم تكرمةً لهم لما في ) عند ( من الإِيماء إلى الحظوة والعناية، وما في لفظ ربهم من الإِيماء إلى إجزال الجزاء بما يناسب عظم المضاف إليه ) عندَ (، وما يناسب شأن من يَرُب أن يبلغ بمربوبه عظيم الإحسان.
وإضافة :( جنات ( إلى ) عدن ( لإِفادة أنها مسكنهم لأن العَدْن الإِقامة، أي ليس جزاؤهم تنزهاً في الجنات بل أقوى من ذلك بالإِقامة فيها.


الصفحة التالية
Icon