" صفحة رقم ٥٢٢ "
لتبيَّن لكم حالٌ مفظع عظيم، وهي بيان لما في ) كلا ( من الزجر.
والمضارع في قوله :( لو تعلمون ( مراد به زمن الحال. أي لو علمتم الآن علم اليقين لعلمتم أمراً عظيماً. ولفعل الشرط مع ) لو ( أحوال كثيرة واعتبارات، فقد يقع بلفظ الماضي وقد يقع بلفظ المضارع وفي كليهما قد يكون استعماله في أصل معناه. وقد يكون منزّلاً منزلةَ غير معناه، وهو هنا مستعمل في معناه من الحال بدون تنزيل ولا تأويل.
وإضافة ) علم ( إلى ) اليقين ( إضافةٌ بيانية فإن اليقين علم، أي لو علمتم علماً مطابقاً للواقع لبان لكم شنيع ما أنتم فيه ولكن علمهم بأحوالهم جهل مركَّب من أوهام وتخيلات، وفي هذا نداء عليهم بالتقصير في اكتساب العلم الصحيح. وهذا خطاب للمشركين الذين لا يؤمنون بالجزاء وليس خطاباً للمسلمين لأن المسلمين يعلمون ذلك علم اليقين. واعلم أنَّ هذا المركب هو ) علم اليقين ( نقل في الاصطلاح العلمي فصار لقباً لحالة من مدركات العقل وقد تقدم بيان ذلك عند تفسير قوله تعالى :( وإنه لحق اليقين في سورة الحاقة فارجع إليه.
( ٦، ٧ ) (
استئناف بياني لأن ما سبقه من الزجر والردع المكرر ومن الوعيد المؤكّد على إجماله يثير في نفس السامع سؤالاً عما يُترقب من هذا الزجر والوعيد فكان قوله :( لترون الجحيم ( جواباً عما يجيش في نفس السامع.
وليس قولُه :( لترون الجحيم ( جواب ( لَوْ ) على معنى : لو تعلمون علم اليقين لكنتم كمَن ترون الجحيم، أي لتروُنَّها بقلوبكم، لأن نظم الكلام صيغة قَسم بدليل قَرْنه بنون التوكيد، فليست هذه اللام لامَ جواب ( لو ) لأن جواب ( لو ) ممْتَنِعُ الوقوع فلا تقترن به نون التوكيد.
والإِخبار عن رؤيتهم الجحيم كناية عن الوقوع فيها، فإن الوقوع في الشيء يستلزم رؤيتَه فيكنى بالرؤية عن الحضور كقول جَعْفر بن عُلْبة الحارثي :


الصفحة التالية
Icon