" صفحة رقم ٥٣٠ "
المعنيّ به عصرَ النبي ( ﷺ ) والتعريف فيه تعريف العهد الحضوري مثل التعريف في ( اليوم ) من قوْلك : فعلت اليوم كذا، فالقسم به كالقسم بحياته في قوله تعالى :( لعمرك ( ( الحجر : ٧٢ ). قال الفخر : فهو تعالى أقسم بزمانه في هذه الآية وبمكانه في قوله تعالى :( وأنت حل بهذا البلد ( ( البلد : ٢ ) وبعمره في قوله :( لعمرك ). اه.
ويجوز أن يراد عصر الإِسلام كلِه وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم وقد مثَّل النبي ( ﷺ ) عصر الأمة الإِسلامية بالنسبة إلى عصر اليهود وعصر النصارى بما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس بقوله :( مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر أجراء يعملون له يوماً إلى الليل فعملت اليهود إلى نصف النهار ثم قالوا : لا حاجة لنا إلى أجرك وما عملنا باطل، واستأجر آخرين بعدهم فقال : أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا : لك ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلتَ لنا، واستأجر قوماً أن يعملوا بقيةَ يومهم فعملوا حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين كليهما فأنتم هُم ). فلعل ذلك التمثيل النبوي له اتصال بالرمز إلى عصر الإِسلام في هذه الآية.
ويجوز أن يفسر العصر في هذه الآية بالزمان كله، قال ابن عطية : قال أبي بن كعب : سألت رسول الله ( ﷺ ) عن العصر فقال : أقسم ربكم بآخر النهار. وهذه المعاني لا يفي باحتمالها غير لفظ العصر.
ومناسبة القَسَم بالعَصر لغرض السورة على إرادة عصر الإِسلام ظاهرة فإنها بينت حال الناس في عصر الإِسلام بين مَن كفر به ومن آمن واستوفى حظه من الأعمال التي جاء بها الإِسلام، ويعرف منه حالُ من أسلموا وكان في أعمالهم تقصير متفاوت، أما أحوال الأمم التي كانت قبل الإِسلام فكانت مختلفة بحسب مجيء الرسل إلى بعض الأمم، وبقاء بعض الأمم بدون شرائع متمسكة بغير دين الإِسلام من الشرك أو بدين جاء الإِسلام لنسخه مثل اليهودية والنصرانية قال تعالى :( من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين في سورة آل عمران.
وتعريف الإنسان ( تعريف الجنس مراد به الاستغراق وهو استغراق عرفي


الصفحة التالية
Icon