" صفحة رقم ٥٦٥ "
الحكم المقصود من الكلام، وذلك شأنها في عطف الصفات إذا كان موصوفها واحداً مثل قوله تعالى :( والصافات صفاً فالزاجرات زجراً فالتاليات ذكراً ( ( الصافات : ١ ٣ ).
فمعنى الآية عطفُ صفتي : دَع اليتيم، وعدم إطعام المسكين على جزم التكذيب بالدين.
وهذا يفيد تشويه إنكار البعث بما ينشأ عن إنكاره من المذام ومن مخالفة للحق ومنَافياً لما تقتضيه الحكمة من التكليف، وفي ذلك كناية عن تحذير المسلمين من الاقتراب من إحدى هاتين الصفتين بأنهما من صفات الذين لا يؤمنون بالجزاء.
وجيء في ) يكذب (، و ) يدُعّ (، و ) يَحُضّ ( بصيغة المضارع لإفادة تكرر ذلك منه ودوامه.
وهذا إيذان بأن الإِيمان بالبعث والجزاء هو الوازع الحق الذي يغرس في النفس جذور الإقبال على الأعمال الصالحة حتى يصير ذلك لها خلقاً إذا شبت عليه، فزكت وانساقت إلى الخير بدون كلفة ولا احتياج إلى آمر ولا إلى مخافة ممن يقيم عليه العقوبات حتى إذا اختلى بنفسه وآمن الرقباء جاء بالفحشاء والأعمال النَّكراء.
والرؤية بصرية يتعدى فعلها إلى مفعول واحد، فإن المكذبين بالدين معروفون وأعمالهم مشهورة، فنزّلت شهرتهم بذلك منزلة الأمر المبصَر المشاهد.
وقرأ نافع بتسهيل الهمزة التي بعد الراء من ) أرأيت ( ألفاً. وروى المصريون عن ورش عن نافع إبدالها ألفاً وهو الذي قرأنا به في تونس، وهكذا في فعل ( رأى ) كلما وقع بعد همزة استفهام، وذلك فرار من تحقيق الهمزتين، وقرأه الجمهور بتحقيقهما.
وقرأه الكسائي بإسقاط الهمزة التي بعد الراء في كل فعل من هذا القبيل. واسم الموصول وصلتُه مراد بهما جنس من اتصف بذلك. وأكثر المفسرين درجوا على ذلك.
وقيل : نزلت في العاص بن وائل السهمي، وقيل : في الوليد بن المغيرة