" صفحة رقم ٥٦٨ "
وقوله :( الذين عن صلاتهم ساهون ( يجوز أن يكون معناه الذين لا يؤدون الصلاة إلاّ رياء فإذا خلوا تركوا الصلاة.
ويجوز أن يكون معناه : الذين يصلون دون نية وإخلاص فهم في حالة الصلاة بمنزلة الساهي عما يفعل فيكون إطلاق ) ساهون ( تهكماً كما قال تعالى :( يراءون الناس ولا يذكرون اللَّه إلا قليلاً في المنافقين في سورة النساء.
و ( يراءون ) يقصدون أن يَرى الناسُ أنهم على حال حسن وهم بخلافه ليتحدث الناس لهم بمحاسنَ ما هم بموصوفين بها، ولذلك كَثر أن تعطف السُّمعة على الرياء فيقال : رياء وسُمعة.
وهذا الفعل وارد في الكلام على صيغة المفاعلة ولم يسمع منه فعل مجرد لأنه يلازمه تكرير الإِراءة.
والماعون ( : يطلق على الإِعانة بالمال، فالمعنى : يمنعون فضلهم أو يمنعون الصدقة على الفقراء. فقد كانت الصدقة واجبة في صدر الإِسلام بغير تعيين قبل مشروعية الزكاة.
وقال سعيد بن المسيب وابن شهاب : الماعون : المال بلسان قريش.
وروى أشهب عن مالك : الماعون : الزكاة، ويشهد له قول الراعي :
قوم على الإِسلام لمّا يمنعوا
ماعونهم ويضيِّعوا التهليلا
لأنه أراد بالتهليل الصلاة فجمع بينها وبين الزكاة.
ويطلق على ما يستعان به على عمل البيت من آنية وآلات طبخ وشدّ وحفر ونحو ذلك مما لا خسارة على صاحبه في إعارته وإعطائه. وعن عائشة : الماعون الماء والنار والملح. وهذا ذم لهم بمنتهى البخل. وهو الشح بما لا يزرئهم.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله :( هم يراءون ( لتقوية الحكم، أي تأكيده.
فأما على القول بأن السورة مدنية أو بأن هذه الآيات الثلاث مدنية يكون المراد بالمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون والصلاتتِ بعدها : المنافقين،