" صفحة رقم ٥٩٦ "
ومقتضى الظاهر أن يقول : فسبح بحمده، لتقدم اسم الجلالة في قوله :( إذا جاء نصر اللَّه ( فعدل عن الضمير إلى الاسم الظاهر وهو ) ربك ( لما في صفة ( رب ) وإضافتها إلى ضمير المخاطب من الإِيماء إلى أن من حكمة ذلك النصر والفتح ودخول الناس في الإِسلام نعمةً أنعم الله بها عليه إذا حصل هذا الخير الجليل بواسطته فذلك تكريم له وعناية به وهو شأن تلطف الرب بالمربوب، لأن معناه السيادة المرفوقة بالرفق والإِبلاغ إلى الكمال.
وقد انتهى الكلام عند قوله :( واستغفره ). وقد روي :( أن النبي ( ﷺ ) كان في قراءته يقف عند ) واستغفره ( ثم يكمل السورة ).
تذييل للكلام السابق كله وتعليل لما يقتضي التعليل فيه من الأمر باستغفار ربه باعتبار الصريح من الكلام السابق كما سيتبين لك.
وتوّاب : مثال مبالغة من تاب عليه. وفعل تاب المتعدي بحرف ( على ) يطلق بمعنى : وفّق للتوبة، أثبته في ( اللسان ) و ( القاموس )، وهذا الإِطلاق خاص بما أسند إلى الله.
وقد اشتملت الجملة على أربع مؤكدات هي : إنّ، وكانَ، وصيغة المبالغة في التوّاب، وتنوين التعظيم فيه.
وحيث كان توكيد ب ( إنَّ ) هنا غير مقصودٍ به ردُّ إنكار ولا إزالة تردد إذ لا يفرضان في جانب المخاطب ( ﷺ ) فقد تمحض ( إنَّ ) لإفادة الاهتمام بالخبر بتأكيده. وقد تقرر أن من شأن ( إنَّ ) إذا جاءت على هذا الوجه أن تغني غَناء فاء الترتيب والتسبب وتفيد التعليل وربط الكلام بما قبله كما تفيده الفاء، وقد تقدم غير مرة، منها عند قوله تعالى :( إنك أنت العليم الحكيم ( في سورة البقرة، فالمعنى : هو شديد القبول لتوبة عباده كثير قبوله إياها.
وإذ قد كان الكلام تذييلاً وتعليلاً للكلام السابق تعين أن حذف متعلق ) تواباً ( يُقدر بنحو : على التائبين. وهذا المقدر مراد به العموم، وهو عموم


الصفحة التالية
Icon