" صفحة رقم ٢١٤ "
وطائفة من أحكام الصلاة، والطهارة، وصلاة الخوف. ثم أحوال اليهود، لكثرتهم بالمدينة، وأحوال المنافقين وفضائحهم، وأحكام الجهاد لدفع شوكة المشركين. وأحكام معاملة المشركين ومساويهم، ووجوب هجرة المؤمنين من مكّة، وإبطال مآثر الجاهلية.
وقد تخلّل ذلك مواعظ، وترغيب، ونهي عن الحسد، وعن تمنّي ما للغير من المزايا التي حرم منها من حُرم بحكم الشرع، أو بحكم الفِطرة. والترغيب في التوسّط في الخير والإصلاح. وبثّ المحبّة بين المسلمين.
) ) يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ).
جاء الخطاب بيأيُّها الناس : ليشمل جميع أمّة الدعوة الذين يسمعون القرآن يومئذ وفيما يأتي من الزمان. فضمير الخطاب في قوله :( خلقكم ( عائد إلى الناس المخاطبين بالقرآن، أي لئلاّ يختصّ بالمؤمنين، إذ غير المؤمنين حينئذ هم كفّار العرب وهم الذين تلقّوا دعوة الإسلام قبل جميع البشر لأنّ الخطاب جاء بلغتهم، وهم المأمورون بالتبليغ لبقية الأمم، وقد كتب النبي ( ﷺ ) كتبه للروم وفارس ومصر بالعربية لتترجم لهم بلغاتهم. فلمَّا كان ما بعد هذا النداء جامعاً لما يؤمر به الناس بين مؤمن وكافر، نودي جميع الناس، فدعاهم الله إلى التذكّر بأنّ أصلهم واحد، إذ قال :( اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ( دعوة تظهر فيها المناسبة بين وحدة النوع ووحدة الإعتقاد، فالمقصود من التقوى في ) اتّقوا ربّكم ( اتّقاء غضبه، ومراعاة حقوقه، وذلك حقّ توحيده والاعتراف له بصفات الكمال، وتنزيهه عن الشركاء في الوجود والأفعال والصفات.
وفي هذه الصلة براعة استهلال مناسبة لما اشتملت عليه السورة من الأغراض الأصلية، فكانت بمنزلة الديباجة.
وعبّر ب ( ربّكم )، دون الاسم العلم، لأنّ في معنى الربّ ما يبعث العباد على