" صفحة رقم ٢٢٨ "
من التوزيع على حسب العدل. وإفراد اسم الإشارة باعتبار المذكور كقوله تعالى :( ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ).
و ( أدنى ) بمعنى أقرب، وهو قرب مجازي أي أحقّ وأعون على أن لا تعُولوا، و ( تعولوا ) مضارع عال عَوْلاً، وهو فعل واوي العين، بمعنى جار ومال، وهو مشهور في كلام العرب، وبه فسّر ابن عباس وجمهور السلف، يقال : عَال الميزان عَولاً إذا مال، وعال فلان في حكمه أي جار، وظاهر أنّ نزول المكلّف إلى العدد الذي لا يخاف معه عدم العدل أقرب إلى عدم الجور، فيكون قوله :( أدنى ألا تعولوا ( في معنى قوله :( فإن خفتم ألا تعدلوا ( فيفيد زيادة تأكيد كراهية الجور.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى الحكم المتضمّن له قوله :( فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ( أي ذلك أسلم من الجور، لأنّ التعدّد يعرّض المكلّف إلى الجور وإن بذل جهده في العدل، إذ للنفس رغبات وغفلات، وعلى هذا الوجه لا يكون قوله :( أدنى ألا تعولوا ( تأكيداً لمضمون ) فإن خفتم ألا تعدلوا ( ويكون ترغيباً في الاقتصار على المرأة الواحدة أو التعدّد بملك اليمين، إذ هو سدّ ذريعة الجور، وعلى هذا الوجه لا يكون العدل شرطاً في ملك اليمين، وهو الذي نحاه جمهور فقهاء الأمصار في ملك اليمين.
وقيل :( معنى ألا تعولوا ) أن لا تكثر عيالكم، مأخوذ من قولهم عال الرجل أهله يعولهم بمعنى مالهم، يعني فاستعمل نفي كثرة العيال على طريق الكناية لأنّ العول يستلزم وجود العيال، والإخبار عن الرجل بأنّه يعول يستلزم كثرة العيال، لأنّه إخبار بشيء لا يخلو عنه أحد فما يخبر المخبر به إلاّ إذا رآه تجاوز الحدّ المتعارف. كما تقول فلان يأكل، وفلان ينام، أي يأكل كثيراً وينام كثيراً، ولا يصحّ أن يراد كونه معنى لعال صريحاً، لأنّه لا يقال عال بمعنى كثرت عياله، وإنّما يقال أعال. وهذا التفسير مأثور عن زيد بن أسلم، وقاله الشافعي، وقال به ابن الأعرابي من علماء اللغة وهو تفسير بعيد، وكناية خفيّة، لا يلائم إلاّ أن تكون الإشارة بقوله :( ذلك ( إلى ما تضمنّه قوله :( فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ( ويكون في الآية ترغيب في الاقتصار على الواحدة لخصوص الذي لا يستطيع السعة في الإنفاق، لأنّ الاقتصار على الواحدة