" صفحة رقم ٢٥٠ "
والنصيب تقدّم عند قوله :( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب في سورة آل عمران ( ٢٣ ).
وقوله : بيان لمما ترك ( لقصد تعميم ما ترك الوالدان والأقربون وتنصيص على أنّ الحقّ متعلّق بكلّ جزء من المال، حتّى لا يستأثر بعضهم بشيء، وقد كان الرجل في الجاهلية يعطي أبناءه من ماله على قدر ميله كما أوصى نزار بن مَعِّد بن عدنان لأبنائه : مضر، وربيعة، وإياد، وأنْمارِ، فجعل لمضر الحمراء كلّها، وجعل لربيعة الفرسَ، وجعل لإياد الخادم، وجعل لأنمار الحمار، ووكَلهم في إلحاق بقية ماله بهاته الأصناف الأربعة إلى الأفعى الجُرْهُمي في نَجْران، فانصرفوا إليه، فقسم بينهم، وهو الذي أرسل المثَل : إنّ العَصَا من العُصَيَّة.
وقوله :( نصيباً مفروضاً ( حال من ( نصيب ) في قوله :( للرجال نصيب ( ) وللنساء نصيب ( وحيث أريد بنصيب الجنس جاء الحال منه مفرداً ولم يراع تعدّده، فلم يُقَل : نصيبين مفروضين، على اعتبار كون المذكور نصيبين، ولا قيل : أنصباء مفروضة، على اعتبار كون المذكور موزّعا للرجال وللنساء، بل روعي الجنس فجيء بالحال مفرداً و ) مفروضا ( وصف، ومعنى كونه مفروضاً أنّه معيّن المقدار لكلّ صنف من الرجال والنساء، كما قال تعالى في الآية الآتية ) فريضة من الله ( ( النساء : ١١ ). وهذا أوضح دليل على أنّ المقصود بهذه الآية تشريع المواريث.
٨ ) ) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ).
جملة معطوفة على جملة ) للرجال نصيب ( ( النساء : ٧ ) إلى آخرها. وهذا أمر بعطية تعطى من الأموال الموروثة : أمر الورثة أن يسهموا لمن يحضر القسمة من ذوي قرابتهم غير الذين لهم حقّ في الإرث، ممّن شأنهم أن يحضروا مجالس الفصل بين الأقرباء.
وقوله :( للرجال نصيب ( ( النساء : ٧ ) وقوله :( وللنساء نصيب ( ( النساء : ٧ ) يقتضيان مقسوماً، فالتعريف في قوله :( القسمة ( تعريف العهد الذِكري.


الصفحة التالية
Icon