" صفحة رقم ٢٥٨ "
جمع ولد فهو غير مؤنّث اللفظ ولا المدلول لأنّه صالح للمذكّر والمؤنث، فلمّا كان ما صدَقُه هُنا النساء خاصّة أعيد عليه الضمير بالتأنيث.
ومعنى :( فوق اثنتين ( أكثر من اثنتين، ومن معاني ( فوق ) الزيادة في العدد، وأصل ذلك مجاز، ثم شاع حتّى صار كالحقيقة، والآية صريحة في أنّ الثلثين لا يعطيان إلاّ للبنات الثلاث فصاعداً لأنّ تقسيم الأنصباء لا يُنتقل فيه من مقدار إلى مقدار أزيدَ منه إلاّ عند انتهاء من يستحقّ المقدار الأول.
والوصف ب ) فوق اثنتين ( يفيد مفهوما وهو أنّ البنتين لا تعطيان الثلثين، وزاد فقال :( وإن كانت واحدة فلها النصف ( فبقي ميراث البنتين المنفردتين غير منصوص في الآية فألحقهما الجمهور بالثلاث لأنّهما أكثر من واحدة، وأحسن ما وجِّه به ذلك ما قاله القاضي إسماعيل بن إسحاق ( إذا كانت البنت تأخذ مع أخيها إذا انفرد الثلث فأحرى أن تأخذ الثلثَ مع أختها ) يعني أنّ كلّ واحدة من البنتين هي مقارنة لأختها الأخرى فلا يكون حظّها مع أخت أنثى أقلّ من حظّها مع أخ ذكر، فإنّ الذكر أولى بتوفير نصيبه، وقد تلقّفه المحقّقون من بعده، وربما نسب لبعض الذين تلقّفوه. وعلَّله ووَجَّهه آخرون : بأنّ الله جعل للأختين عند انفرادهما الثلثين فلا تكون البنتان أقلّ منهما. وقال ابن عباس : للبنتين النصف كالبنت الواحدة، وكأنّه لم ير لتوريثهما أكثر من التشريك في النصف محمَلا في الآية، ولو أريد ذلك لما قال ) فوق اثنتين ). ومنهم من جعل لفظ ( فوق ) زائداً، ونظّره بقوله تعالى :( فاضربوا فوق الأعناق ( ( الأنفال : ١٢ ). وشتَّان بين فوق التي مع أسماء العدد وفوق التي بمعنى مكان الفعل. قال ابن عطية : وقد أجمع الناس في الأمصار والأعصار على أنّ للبنتين الثلثين، أي وهذا الإجماع مستند لسنّة عرفوها. وردّ القرطبي دعوى الإجماع بأنّ ابن عباس صحّ عنه أنّه أعطى البنتين النصف. قلت : لعلّ الإجماع انعقد بعدما أعطى ابن عباس البنتين النصف على أنّ اختلال الإجماع لمخالفة واحد مختلف فيه، أمّا حديث امرأة سعد بن الربيع المتقدّم فلا يصلح للفصل في هذا الخلاف، لأنّ في روايته اختلافا هل ترك بنتين أو ثلاثاً.