" صفحة رقم ٢٦٦ "
) غير مضار ( حال من ضمير ) يوصى ( الأخير، ولمّا كان فعل يوصي تكريراً، كان حالا من ضمائر نظائره.
و ) مضارّ الأظهر أنّه اسم فاعل بتقدير كسر الراء الأولى المدغمة أي غير مضارّ ورثته بإكثار الوصايا، وهو نهي عن أن يقصد الموصي من وصيته الإضرارَ بالورثة. والإضرارُ منه ما حدّده الشرع، وهو أن يتجاوز الموصي بوصيّته ثلث ماله وقد حدّده النبي بقوله لسعد بن أبي وقّاص الثلثُ والثلث كثير. ومنه ما يحصل بقصد الموصي بوصيته الاضرار بالوارث ولا يقصد القربة بوصيّته، وهذا هو المراد من قوله تعالى : غير مضار ). ولمّا كانت نيَّة الموصي وقصدُه الإضرار لا يُطلع عليه فهو موكول لدينه وخشية ربّه، فإن ظهر ما يدلّ على قصده الإضرار دلالة واضحة، فالوجه أن تكون تلك الوصيّة باطلة لأنّ قوله تعالى :( غير مضار ( نهي عن الإضرار، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
ويتعيّن أن يكون هذا القيد مقيِّدا للمطلق في الآي الثلاث المتقدّمة من قوله ) من بعد وصية ( إلخ، لأنّ هذه المطْلقات متّحدة الحكم والسبب. فيحمِل المطْلَق منها على المقيّد كما تقرّر في الأصول.
وقد أخذ الفقهاء من هذه الآية حكم مسألة قصد المعطي من عطيّته الإضرار بوارثه في الوصيّة وغيرها من العطايا، والمسألة مفروضة في الوصيّة خاصّة. وحكى ابن عطية عن مذهب مالك وابن القاسم أنّ قصد المضارّة في الثلث لا تردّ به الوصيّة لأنّ الثلث حقّ جعله الله له فهو على الإباحة في التصرّف فيه. ونازعه ابن عرفة في التفسير بأنّ ما في الوصايا الثاني من ( المدوّنة )، صريح في أنّ قصد الإضرار يوجب ردّ الوصيّة وبحث ابن عرفة مكين. ومشهور مذهب ابن القاسم أن الوصية تردّ بقصد الإضرار إذا تبيّن القصد غير أنّ ابن عبد الحكم لا يرى تأثير الإضرار. وفي شرح ابن ناجي على تهذيب المدوّنة أنّ قصد الإضرار بالوصيّة في أقلّ من الثلث لا يوهن الوصيّة على الصحيح. وبه الفتوى.
وقوله :( وصية ( منصوب على أنّه مفعول مطلق جاء بدلا من فعله، والتقدير :


الصفحة التالية
Icon