" صفحة رقم ٢٧٠ "
خفية لأنّه مخالفة لقوانين الناس في نظامهم وأخلاقهم. وسمّي الزنا الفاحشة لأنّه تجاوز الحدّ في الفساد وأصل الفحش الأمر الشديد الكراهية والذمّ، من فعللٍ أو قوللٍ، أو حاللٍ ولم أقف على وقوع العمل بهاتين الآيتين قبل نسخهما.
ومعنى :( يأتين ( يَفْعَلْن، وأصل الإتيان المجيء إلى شيء فاستعير هنا الإتيان لفعل شيء لأنّ فاعل شيء عن قصد يُشبه السائر إلى مكان حتّى يَصله، يقال : أتى الصلاة، أي صَلاها، وقال الأعشى :
لِيَعْلَمَ كلُّ الورى أنّني
أتَيْتُ ا لمُرُوءَةَ من بابها
وربما قالوا : أَتى بفاحشة وبمكروه كأنّه جاء مُصَاحباً له.
وقوله :( من نسائكم ( بيان للموصول وصلته. والنساء اسم جمععِ امرأة، وهي الأنثى من الإنسان، وتطلق المرأة على الزوجة فلذلك يطلق النساء على الإناث مطلقاً، وعلى الزوجات خاصّة ويعرف المراد بالقرينة، قال تعالى :( يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ( ( الحجرات : ١١ ) ثم قال ) ولا نساء من نساء ( ( الحجرات : ١١ ) فقابل بالنساء القومَ. والمراد الإناث كلهنّ، وقال تعالى :( فإن كن نساء فوق اثنتين ( ( النساء : ١١ ) الآية المتقدّمة آنفاً والمراد هنا مطلق النساء فيشمل العذارى العَزَبَاتتِ.
وضمير جمع المخاطبين في قوله :( من نسائكم ( والضمائر المُوالية له، عائدة إلى المسلمين على الإجمال، ويتعيّن للقيام بما خوطبوا به مَنْ لهم أهلية القيام بذلك. فضمير ) نسائكم ( عامّ مراد به نساء المسلمين، وضمير ) فاستشهدوا ( مخصوص بمن يهمّه الأمر من الأزواج، وضمير ) فأمسكوهن ( مخصوص بولاة الأمور، لأنّ الإمساك المذكور سجن وهو حكم لا يتولاّه إلاّ القضاة، وهم الذين ينظرون في قبول الشهادة فهذه عمومها مراد به الخصوص.
وهذه الآية هي الأصل في اشتراط أربعة في الشهادة على الزنى، وقد تقرّر ذلك بآية سورة النور.
ويعتبر في الشهادة الموجبة للإمساك في البيوت ما يعتبر في شهادة الزنى لإقامةِ الحدّ سواء.


الصفحة التالية
Icon