" صفحة رقم ٢٨٦ "
وقال ابن مسعود، وابن عباس، والضحّاك، وقتادة : الفاحشة هنا البغض والنشوز، فإذا نشزت جاز له أن يأخذ منها. قال ابن عطيّة : وظاهر قول مالك بإجازة أخذ الخلع عن الناشز يناسب هذا إلاّ أنيّ لا أحفظ لمالك نصّا في الفاحشة في هذه الآية.
وقرأ الجمهور : مبيِّنة بكسر التحتية اسم فاعل من بيَّن اللازم بمعنى تبيَّن، كما في قولهم في المثل ( بَيَّنَ الصبحُ لذي عَيْنَيْن ). وقرأه ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم، وخلَف بفتح التحتية اسم مفعول من بيَّن المتعدي أي بيَّنها وأظْهَرَها بحيث أشْهَدَ عَليهنّ بها.
أعقب النهي عن إكراه النساء والإضرارِ بهنّ بالأمر بحسن المعاشرة معهنّ، فهذا اعتراض فيه معنى التذييل لما تقدّم من النهي، لأنّ حسن المعاشرة جامع لنفي الإضرار والإكراه، وزائد بمعاني إحسان الصحبة.
والمعاشرة مفاعلة من العِشْرة وهي المخالطة، قال ابن عطية : وأرى اللفظة من أعشار الجزور لأنّها مقاسمة ومخالطة، أي فأصل الاشتقاق من الاسم الجامد وهو عدد العشرة. وأنَا أراها مشتقّة من العشِيرة أي الأهل، فعاشَره جَعَلَه من عشيرته، كما يقال : آخاه إذا جعله أخاً. أمّا العشيرة فلا يعرف أصل اشتقاقها. وقد قيل : إنها من العشرة أي اسم العدد وفيه نظر.
والمعروف ضدّ المنكر وسمّي الأمر المكروه منكراً لأنّ النفوس لا تأنس به، فكأنّه مجهول عندها نَكِرة، إذ الشأن أنّ المجهول يكون مكروهاً ثمّ أطلقوا اسم المنكر على المكروه، وأطلقوا ضدّه على المحبوب لأنّه تألفه النفوس. والمعروف هنا ما حدّده الشرع ووصفه العرف.


الصفحة التالية
Icon