" صفحة رقم ٢٩٣ "
وقيل : هو من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه : أي إن كنتم فاعلين منه فانكحوا ما قد سلف من نساء الآباء البائدة، كأنّه يوهم أنه يرخّص لهم بعضه، فيجد السامع ما رخّص له متعذّراً فيتأكّد النهي كقول النابغة :
ولا عيب فيهم غيرَ أَنّ سيُوفَهم
بهنّ فُلول من قِراع الكتائب
وقولهم ( حتّى يؤوب القارظان ) و ( حتّى يشيب الغراب ) وهذا وجه بعيد في آيات التشريع.
والظاهر أنّ قوله :( إلا ما قد سلف ( قصد منه بيان صحّة ما سلف من ذلك في عهد الجاهلية، وتعذّرَ تداركه الآن، لموت الزوجين، من حيث إنّه يترتّب عليه. ثبوت أنساب، وحقوق مهور ومواريث، وأيضاً بيان تصحيح أنساب الذين ولدوا من ذلك النكاح، وأنّ المسلمين انتدبوا للإقلاع عن ذلك اختياراً منهم، وقد تأوّل سائر المفسّرين قوله تعالى :( إلا ما قد سلف ( بوجوه ترجع إلى التجوّز في معنى الاستثناء أو في معنى :( ما نكح (، حَمَلَهم عليها أنّ نكاح زوج الأب لم يقرّره الإسلام بعد نزول الآية، لأنّه قال :( إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً ( أي ومثل هذا لا يقرّر لأنّه فاسد بالذات.
والمقت اسم سَمَّتْ به العرب نكاح زوج الأب فقالوا نكاح المقت أي البغض، وسمّوا فاعل ذلك الضيزن، وسمَّوْا الابنَ من ذلك النكاح مَقيتا.
) ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الاَْخِ وَبَنَاتُ الاُْخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الْلاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِى فِى حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللَّاتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَآئِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاُْخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ).
تخلّص إلى ذكر المحرّمات بمناسبة ذكر تحريم نكاح ما نكح الآباء وغُيِّر


الصفحة التالية
Icon