" صفحة رقم ١٠٠ "
إلى الشرك، كما قال المنافقون ) لا تُنفقوا على مَن عند رسول الله حتّى يَنْفَضّوا ( ( المنافقون : ٧ ). فلمّا نزلت هذه الأحكام أنزل الله هذه الآية : بشارة للمؤمنين، ونكاية بالمشركين. وقد روي : أنَّها نزلت يوم فتح مكة، كما رواه الطبري عن مجاهد، والقرطبي عن الضحّاك. وقيل : نزلت يوم عرفة في حجّة الوداع مع الآية التي ستأتي عقبها. وهْو ما رواه الطبري عن ابن زيد وجمع، ونسبه ابن عطِيّة إلى عمر بن الخطاب وهو الأصحّ.
ف ) اليوم ( يجوز أن يُراد به اليوم الحاضر، وهو يوم نزول الآية، وهو إن أريد به يوم فتح مكة، فلا جرم أنّ ذلك اليوم كان أبهج أيّام الإسلام، وظهر فيه من قوّة الدين، بين ظهراني من بقي على الشرك، ما أيْأسَهم من تقهقر أمر الإسلام، ولا شكّ أنّ قلوب جميع العرب كانت متعلّقة بمكة وموسم الحجّ ومناسكه : التي كانت فيها حياتهم الاجتماعية والتجارية والدينية والأدبية، وقوام شؤونهم، وتعارفهم، وفصل نزاعهم، فلا جرم أن يكون انفراد المسلمين بتلك المواطن قاطعاً لبقية آمالهم : من بقاء دين الشرك، ومن محاولة الفتّ في عضد الإسلام. فذلك اليوم على الحقيقة : يوم تمام اليأس وانقطاع الرجاء، وقد كانوا قبل ذلك يعاودهم الرجاء تارة. فقد قال أبو سفيان يوم أحد ( أعْلُ هُبَل وقال لنا العُزّى ولا عُزّى لكم ). وقال صفوان بن أمية أو أخوه، يوم هوازن، حين انكشف المسلمون وظنّها هزيمة للمسلمين :( ألا بطل السحر اليوم ).
وكان نزول هذه الآية يوم حجّة الوداع مع الآية التي بعدها، كما يؤيّده قول رسول الله ( ﷺ ) في خطبته يومئذٍ في قول كثير من أصحاب السير ( أيها الناس إنّ الشيطان قد يَئِس أن يُعبد في بلدكم هذا ولكنه قد رضي منكم بما دون ذلك فيما تَحْقرون من أعمالكم فاحذروه على أنفسكم ).
و ) اليوم ( يجوز أن يراد به يوم معين، جدير بالامتنان بزمانه،