" صفحة رقم ١٢٠ "
ذبائحهم على أحوالهم المخالفة لأحوالنا، ولهذا قال كثير من العلماء : أراد الله هنا بالطعام الذبائح، مع اتّفاقهم على أنّ غيرها من الطعام مباح، ولكن هؤلاء قالوا : إنّ غير الذبائح ليس مراداً، أي لأنّه ليس موضع تردّد في إباحة أكله. والأولى حمل الآية على عمومها فتشمل كلّ طعام قد يظن أنَّه محرّم علينا إذ تدخله صنعتهم، وهم لا يتَوَقَّوْنَ ما نتوقّى، وتدخله ذكاتهم وهم لا يشترطون فيها ما نشترطه. ودخل في طعامهم صيدهم على الأرجح.
و ) الذين أوتوا الكتاب ( : هم أتباع التوراة والإنجيل، سواء كانوا ممّن دعاهم موسى وعيسى عليهما السلام إلى اتّباع الدين، أم كانوا ممّن اتّبعوا الدينيين اختياراً ؛ فإنّ موسى وعيسى ودعَوا بني إسرائيل خاصّة، وقد تهوّد من العرب أهل اليمن، وتنصّر من العرب تغلب، وبهراء، وكلب، ولخم، ونَجران، وبعض ربيعة وغسّان، فهؤلاء من أهل الكتاب عند الجمهور عدا عليّا بن أبي طالب فإنه قال : لا تحلّ ذبائح نصارى تغلب، وقال : إنّهم لم يتمسّكوا من النصرانية بشيء سوى شرب الخمر. وقال القرطبي : هذا قول الشافعي، وروى الربيع عن الشافعي : لا خير في ذبائح نصارى العرب من تغلب. وعن الشافعي : من كان من أهل الكتاب قبل البعثة المحمّدية فهو من أهل الكتاب، ومن دخل في دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن فلا يقبل منه إلاّ الإسلام، ولا تقبل منه الجزية، أي كالمشركين.
وأمَّا المجوس فليسوا أهل كتاب بالإجماع، فلا تؤكل ذبائحهم، وشذّ من جعلهم أهل كتاب. وأمَّا المشركون وعبدة الأوثان فليسوا من أهل الكتاب دون خلاف.
وحِكمة الرخصة في أهل الكتاب : لأنّهم على دين إلهي يُحرّم الخبَائث، ويتقي النجاسة، ولهم في شؤونهم أحكام مضبوطة متّبعة