" صفحة رقم ١٥٥ "
تعليق هذا الشرط إشعار بالاستقبال. والمضارع المقترن بأن وهو ) أن يهلك ( مستعمل في مجرّد المصدرية. والمرادُ ب ) مَن في الأرض ( حينئذٍ من كان في زمن المسيح وأمِّه من أهل الأرض فقد هلكوا كلّهم بالضرورة. والتّقدير : مَن يملَك أن يصدّ الله إذْ أراد إهلاك المسيح وأمّه ومن في الأرض يومئذٍ.
ولك أن تلتزم كون الشرط للاستقبال باعتبار جَعْل ) من في الأرض جميعاً ( بمعنى نوع الإنسان، فتعليق الشرط باعتبار مجموع مفاعيل ) يُهلك ( على طريقة التغليب ؛ فإنّ بعضها وقع هلكه وهو أمّ المسيح، وبعضها لم يقع وسيقع وهو إهلاك من في الأرض جميعاً، أي إهلاك جميع النّوع، لأنّ ذلك أمر غير واقع ولكنّه مُمكن الوقوع.
والحاصل أنّ استعمال هذا الشرط من غرائب استعمال الشروط في العربية، ومرجعه إلى استعمال صيغة الشرط في معنى حقيقي ومعنى مجازي تغليباً للمعنى الحقيقي، لأنّ ) مَنْ في الأرض ( يعمّ الجميع وهو الأكثر. ولم يعطه المفسّرون حقّه من البيان. وقد هلكت مريم أمّ المسيح عليهما السلام في زمن غير مضبوط بعد رفع المسيح.
والتذييل بقوله :( ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء ( فيه تعظيم شأن الله تعالى. وردّ آخر عليهم بأنّ الله هو الّذي خلق السماوات والأرض وملك ما فيها من قبل أن يَظهر المسيح، فالله هو الإله حقّاً، وأنّه يخلق ما يشاء، فهو الّذي خلق المسيح خلقاً غير معتاد، فكان موجِب ضلال من نسب له الألوهية. وكذلك قوله :( والله على كلّ شيء قدير ).
) ) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ).
مقال آخر مشترك بينهم وبين اليهود يدلّ على غباوتهم في الكفر إذ