" صفحة رقم ١٦٠ "
يقتضي النهي عن ضدّه، فذكر النهي عن الضدّ بعد ذلك تأكيد له، وهذا التأكيد لتقطع جرثومة الشرك من هذا الدين.
و ) من ( تبعيضية، فمعنى ) من المشركين ( أي من جملة الذين يشركون، ويحتمل أنّ النهي عن الانتماء إلى المشركين، أي هو أمر بالبراءة منهم فتكون ) من ( اتّصالية ويكون ) المشركين ( بالمعنى اللقبي، أي الذي اشتهروا بهذا الاسم، أي لا يكن منك شيء فيه صلة بالمشركين، كقول النّابغة :
. فإنِّي لَسْتُ منك ولست منّي
والتأييس على هذا الوجه أشدّ وأقوى.
وقد يؤخذ من هذه الآية استدلال للمأثور عن الأشعري : أنّ الإيمان بالله وحده ليس ممّا يجب بدليل العقل بل تتوقّف المؤاخذة به على بعثة الرسول، لأنّ الله أمر نبيّه ( ﷺ ) أن ينكر أن يتّخذ غير الله وليّاً لأنّه فاطر السماوات والأرض، ثم أمره أن يقول ) إنّي أمرت أن أكون أول من أسلم ( ثم أمره بما يدلّ على المؤاخذة بقوله :( إنّي أخاف إن عصيت ربّي إلى قوله فقد رحمه ( ( الأنعام : ١٥، ١٦ ).
، ١٦ ) ) قُلْ إِنِّى
أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ).
هذا استئناف مكرّر لما قبله، وهو تدرّج في الغرض المشترك بينها من أنّ الشرك بالله متوعّد صاحبه بالعذاب وموعود تاركه بالرحمة. فقوله :( أغير الله أتّخذ وليّاً ( ( الأنعام : ١٤ ) الآية رفض للشرك بالدليل العقلي، وقوله :( قل إنّي أمرت أن أكون أوّل من أسلم ( ( الأنعام : ١٤ ) الآية، رفض للشرك امتثالاً لأمر الله وجلاله.
وقوله هنا :( قل إنّي أخاف ( الآية تجنّب للشرك خوفاً من العقاب وطمعاً في الرحمة. وقد جاءت مترتّبة على ترتيبها في نفس الأمر.


الصفحة التالية
Icon