" صفحة رقم ١٧٠ "
وجملة :( قل إنّما هو إله واحد ( بيان لجملة ) لا أشهد ( فلذلك فصلت لأنّها بمنزلة عطف البيان، لأنّ معنى لا أشهد بأنّ معه آلهة هو معنى أنّه إله واحد، وأعيد فعل القول لتأكيد التبليغ.
وكلمة ) إنّما ( أفادت الحصر، أي هو المخصوص بالوحدانية : ثم بالغ في إثبات ذلك بالتبرّىء من ضدّه بقوله :( وإنّني بريء ممَّا تشركون ). وفيه قطع للمجادلة معهم على طريقة المتاركة.
و ( ما ) في قوله :( ممّا تشركون ( يجوز كونها مصدرية، أي من إشراككم. ويجوز كونها موصولة، وهو الأظهر، أي من أصنامكم التي تشركون بها، وفيه حذف العائد المجرور لأنّ حرف الجرّ المحذوف مع العائد متعيّن تقديره بلا لبس، وذلك هو ضابط جواز حذف العائد المجرور، كقوله تعالى :( أنسجد لما تأمرنا ( ( الفرقان : ٦٠ ) أي بتعظيمه، وقوله تعالى :( فاصدع بما تؤمر ( أي بالجهر به. وظاهر كلام ( التسهيل ) أنّ هذا ممنوع، وهو غفلة من مؤلّفه اغترّ بها بعض شرّاح كتبه.
) ) الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُو
اْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ).
جملة مستأنفة انتقل بها أسلوب الكلام من مخاطبة الله المشركين على لسان الرسول ( ﷺ ) إلى إخبار عامّ كسائر أخبار القرآن. أظهر الله دليلاً على صدق الرسول فيما جاء به بعد شهادة الله تعالى التي في قوله ) قل الله شهيد بيني وبينكم ( ( الأنعام : ١٩ )، فإنّه لمَّا جاء ذكر القرآن هنالك وقع هذا الانتقال للاستشهاد على صدق القرآن المتضمّن صدق من جاء به، لأنّه هو الآية المعجزة العامَّة الدائمة. وقد علمت آنفاً أنّ الواحدي ذكر أنّ رؤساء المشركين قالوا للنبيء ( ﷺ ) قد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس عندهم ذكرك ولا صفتك إلى آخره ؛ فإذا كان كذلك كان التعرّض لأهل الكتاب هنا إبطالاً لما قالوه أنّه ليس عندهم ذكر النبي ولا صفته، أي فهم