" صفحة رقم ١٧٦ "
يكون من نوع ما استثني هو منه المحذوف في تفريغ الاستثناء، فيكون المستثنى منه من الأقوال الموصوفة بأنّها فتنة. فالتقدير : لم يكن لهم قول هو فتنة لهم إلاّ قولهم ) والله ربّنا ما كنا مشركين ).
وإمّا أن يكون القول المستثنى دالاً على فتنتهم، أي على أنّهم في فتنة حين قالوه. وأيّاً ما كان فقولهم :( والله ربّنا ما كنّا مشركين ( متضمّن أنّهم مفتونون حينئذٍ.
وعلى ذلك تحتمل الفتنة أن تكون بمعنى اضطراب الرأي والحيرة في الأمر، ويكون في الكلام إيجاز. والتقدير : فافتتنوا في ماذا يجيبون، فكان جوابهم أن قالوا :( والله ربّنا ما كنّا مشركين ( فعدل عن المقدّر إلى هذا التركيب لأنّه قد علم أنّ جوابهم ذلك هو فتنتهم لأنّه أثرها ومظهرها.
ويحتمل أن يراد بالفتنة جوابهم الكاذب لأنّه يفضي إلى فتنة صاحبه، أي تجريب حالة نفسه.
ويحتمل أن تكون أطلقت على معناها الأصلي وهو الاختبار. والمراد به السؤال لأنّ السؤال اختبار عمّا عند المسؤول من العلم، أو من الصدق وضدّه، ويتعيّن حينئذٍ تقدير مضاف، أي لم يكن جواب فتنتهم، أي سؤالهم عن حال إشراكهم إلاّ أن قالوا :( والله ربّنا ما كنّا مشركين ).
وقرأ الجمهور ) لم تكن ( بتاء تأنيث حرف المضارعة. وقرأه حمزة، والكسائي، ويعقوب بياء المضارعة للغائبة باعتبار أنّ ) قالوا ( هو اسم ( كان ). وقرأ الجمهور ) فتنتهم ( بالنصب على أنّه خبر ( كان )، فتكون ( كان ) ناقصة واسمها ) إلاّ أن قالوا ( وإنّما أخّر عن الخبر لأنّه محصور.
وقرأه ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم بالرفع على أنّه اسم ( كان ) و ) أنْ قالوا ( خبر ( كان )، فتجعل ( كان ) تامّة. والمعنى لم توجد فتنة لهم إلاّ قولهم :( والله ربّنا ما كنّا مشركين (، أي لم تقع فتنتهم إلاّ أن نفوْا أنّهم أشركوا.
ووجه اتّصال الفعل بعلامة مضارعة للمؤنّث على قراءة نصب ) فتنتهم ( هو أنّ


الصفحة التالية
Icon