" صفحة رقم ١٨٤ "
الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام لأنّ في الخبر الواقع بعده تسلية له عمّا تضمّنه قوله :( وهم ينهون عنه وينأون عنه ( ( الأنعام : ٢٦ ) فإنّه ابتدأ فعقّبه بقوله :( وإن يهلكون إلاّ أنفسهم ( ( الأنعام : ٢٦ ) ثم أردفه بتمثيل حالهم يوم القيامة. ويشترك مع الرسول في هذا الخطاب كلّ من يسمع هذا الخبر.
و ) لو ( شرطية، أي لو ترى الآن، و ) إذ ( ظرفية، ومفعول ) ترى ( محذوف دلّ عليه ضمير ) وقفوا (، أي لو تراهم، و ) وقفوا ( ماض لفظاً والمعنيّ به الاستقبال، أي إذ يوقفون. وجيء فيه بصيغة الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه لصدوره عمّن لا خلاف في خبره.
ومعنى :( وقفوا على النار ( أبلغوا إليها بعد سير إليها، وهو يتعدى ب ) على ). والاستعلاء المستفاد ب ) على ( مجازي معناه قوّة الاتّصال بالمكان، فلا تدلّ ( على ) على أنّ وقوفهم على النار كان من أعلى النار. وقد قال تعالى :( ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم ( ( الأنعام : ٣٠ )، وأصله من قول العرب : وقفت راحلتي على زيد، أي بلغت إليه فحبسْت ناقتي عن السير. قال ذو الرمّة :
وقفتُ على ربع لميّة ناقتي
فما زلتُ أبكي عنده وأخاطبه
فحذفوا مفعول ( وقفت ) لكثرة الاستعمال. ويقال : وقفه فوقف، ولا يقال : أوقفه بالهمزة.
وعطف عليه ) فقالوا ( بالفاء المفيدة للتعقيب، لأنّ ما شاهدوه من الهول قد علموا أنّه جزاء تكذيبهم بإلهام أوقعه الله في قلوبهم أو بإخبار ملائكة العذاب، فعجّلوا فتمنّوا أن يرجعوا.
وحرف النداء في قولهم :( يا ليتنا نردّ ( مستعمل في التحسّر، لأنّ النداء يقتضي بُعد المنادى، فاستعمل في التحسّر لأنّ المتمنّى صار بعيداً عنهم، أي غير مفيد لهم، كقوله تعالى :( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ( ( الزمر : ٥٦ ).
ومعنى ) نردّ ( نرجع إلى الدنيا ؛ وعطف عليه ) ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين ( برفع الفعلين بعد ( لا ) النافية في قراءة الجمهور عطفاً على ) نُردّ (، فيكون


الصفحة التالية
Icon