" صفحة رقم ١٩١ "
والحسرة : الندم الشديد، وهو التلهّف، وهي فَعْلة من حِسر يحْسَر حَسْراً، من باب فرح، ويقال : تحسّر تحسّراً. والعرب يعاملون اسم المرّة معاملة مطلق المصدر غير ملاحظين فيه معنى المرّة، ولكنّهم يلاحظون المصدر في ضمن فرد، كمدلول لام الحقيقة، ولذلك يحسن هذا الاعتبار في مقام النداء لأنّ المصدر اسم للحاصل بالفعل بخلاف اسم المرّة فهو اسم لفرد من أفراد المصدر فيقوم مقام الماهية.
و ) فَرّطنَا ( أضعنا. يقال : فرّط في الأمر إذا تهاون بشيء ولم يحفظه، أو في اكتسابه حتى فاته وأفلت منه. وهو يتعدّى إلى المفعول بنفسه، كما دلّ عليه قوله تعالى :( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ( ( الأنعام : ٣٨ ). والأكثر أن يتعدّى بحرف ( في ) فيقال فرّط في ماله، إذا أضاعه.
و ) مَا ( موصولة ماصْدَقُها الأعمال الصالحة. ومفعول ) فرّطنا ( محذوف يعود إلى ) مَا ). تقديره : ما فرّطناه وهم عامّ مثل معاده، أي ندمنا على إضاعة كلّ ما من شأنه أن ينفعنا ففرّطناه، وضمير ) فيها ( عائد إلى الساعة. و ( في ) تعليلية، أي ما فوّتناه من الأعمال النافعة لأجل نفع هذه الساعة، ويجوز أن يكون ) في ( للتعدية بتقدير مضاف إلى الضمير، أي في خيراتها. والمعنى على ما فرّطنا في الساعة، يَعْنُونَ ما شاهدوه من نجاة ونعيم أهل الفلاح. ويجوز أن يعود ضمير ) فيها ( على الحياة الدنيا، فيكون ( في ) للظرفية الحقيقية.
وجملة :( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ( في موضع الحال من ضمير ) قالوا (، أي قالوا ذلك في حال أنّهم يحملون أوزارهم فهُم بين تلهّف على التفريط في الأعمال الصالحة والإيمان وبين مقاساة العذاب على الأوزار التي اقترفوها، أي لم يكونوا محرومين من خير ذلك اليوم فحسب بل كانوا مع ذلك متعبين مثقلين بالعذاب.
والأوزار جمع وِزر بكسر الواو، وهو الحمل الثقيل، وفعله وزَرَ يَزِرُ إذا حمل. ومنه قوله هنا ) ألا ساء ما يزرون ). وقوله :( ولا تزر وازرة وزر أخرى ( ( الأنعام : ١٦٤ ). وأطلق الوزر على الذنب والجناية لثقل عاقبتها على جانيها.
وقوله :( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ( تمثيل لهيئة عنتهم من جرّاء ذنوبهم


الصفحة التالية
Icon