" صفحة رقم ٢٠٥ "
بالسلّم إلى النخيل للجذاذ. وربما كانت السلاليم في الدور تتّخذ من العود فتسمّى المرقاة. فأمّا الدرج المبنيّة في العَلالي فإنّها تُسَمَّى سُلّماً وتسمّى الدّرَجة كما ورد في حديث مقتل أبي رافع قول عبد الله بن عتيك في إحدى الروايات ( حتّى انتهيت إلى دَرَجة له )، وفي رواية ( حتّى أتيت السلّم أريد أن أنزل فأسْقُطُ منه ).
وقوله ) في الأرض ( صفة ) نفقاً ( أي متغلغلاً، أي عميقاً. فذكر هذا المجرور لإفادة المبالغة في العمق مع استحضار الحالة وتصوير حالة الاستطاعة إذ من المعلوم أنّ النفق لا يكون إلاّ في الأرض.
وأمّا قوله :( في السماء ( فوصف به ) سُلّما (، أي كائناً في السماء، أي واصلاً إلى السماء. والمعنى تبلغ به إلى السماء. كقول الأعشى :
ورُقّيتَ أسبَاب السّمَاء بسُلّم
والمعنى : فإن استطعت أن تطلب آية من جميع الجهات للكائنات. ولعلّ اختيار الابتغاء في الأرض والسماء أنّ المشركين سألوا الرسول عليه والصلاة والسلام آيات من جنس ما في الأرض، كقولهم ) حتّى تُفجّر لنا من الأرض ينبوعاً ( ( الإسراء : ٩٠ )، ومن جنس ما في السماء، كقولهم :( أو ترقى في السماء ( ( الإسراء : ٩٣ ).
وقوله :( بآية ( أي بآية يسلّمون بها، فهنالك وصف محذوف دلّ عليه قوله :( إعراضهم (، أي عن الآيات التي جئتهم بها.
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه فعل الشرط، وهو ) استطعت ). والشرط وجوابه مستعملان مجازاً في التأييس من إيمانهم وإقناعهم، لأنّ الله جعل على قلوبهم أكنّة وفي آذانهم وقراً وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها.
ويتعيّن تقدير جواب الشرط ممّا دلّ عليه الكلام السابق، أي فأتهم بآية فإنّهم لا يؤمنون بها، كما يقول القائل للراغب في إرضاء مُلحّ. إن استطعت أن تجلب ما في بيتك، أي فهو لا يرضى بما تقصر عنه الاستطاعة بلْهَ ما في الاستطاعة. وهو


الصفحة التالية
Icon