" صفحة رقم ٢٠٩ "
٣٧ ) وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ ءايَةً وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ).
عطف على جملة :( وإن كان كبر عليك إعراضهم ( ( الأنعام : ٣٥ ) الآيات، وهذا عود إلى ما جاء في أول السورة ( ٤ ) من ذكر إعراضهم عن آيات الله بقوله ) وما تأتيهم من آية من آيات ربّهم إلاّ كانوا عنها معرضين. ثم ذكر ما تفنّنوا به من المعاذير من قولهم : لولا أنزل عليه ملك ( ( الأنعام : ٨ ) وقوله :( وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها ( ( الأنعام : ٢٥ ) أي وقالوا : لولا أنزل عليه آية، أي على وفق مقترحهم، وقد اقترحوا آيات مختلفة في مجادلات عديدة. ولذلك أجملها الله تعالى هنا اعتماداً على علمها عند الرسول ( ﷺ ) والمؤمنين، فقال :( وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربّه ).
فجملة :( وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربِّه ( وقع عطفها معترضاً بين جملة ) والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ( ( الأنعام : ٣٦ ) وجملة ) وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه ( ( الأنعام : ٣٨ ) الخ. وفي الإتيان بفعل النزول ما يدلّ على أنّ الآية المسؤولة من قبيل ما يأتي من السماء، مثل قولهم ) لولا أنزل عليه ملك ( ( الأنعام : ٨ ) وقولهم :( ولن نُؤمن لِرُقيّك حتى تنزّل علينا كتاباً نقرؤه ( ( الإسراء : ٩٣ ) وشبه ذلك.
وجرّد ) نزّل ( من علامة التأنيث لأنّ المؤنّث الذي تأنيثه لفظي بحت يجوز تجريد فعله من علامة التأنيث ؛ فإذا وقع بين الفعل ومرفوعه فاصل اجتمع مسوّغان لتجريد الفعل من علامة التأنيث، فإنّ الفصل بوحده مسوّغ لتجريد الفعل من العلامة. وقد صرّح في ( الكشاف ) بأنّ تجريد الفعل عن علامة التأنيث حينئذٍ حسن.
و ) لولا ( حرف تحضيض بمعنى ( هلاّ ). والتحضيض هنا لقطع الخصم وتعجيزه، كما تقدّم في قوله تعالى آنفاً ) وقالوا لولا أنزل عليه ملك ( ( الأنعام : ٨ ).
وتقدّم الكلام على اشتقاق ) آية ( عند قوله تعالى :( والذين كفروا وكذّبوا بآياتنا في سورة البقرة ( ٣٩ ).