" صفحة رقم ٢١١ "
الميت من الحي في سياق الاستدلال على وقوع البعث والحشر. ويسمّى تلك الحجج آيات كقوله ) وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقَرّ ومستودع قد فصّلنا الآيات لقوم يفقهون ( ( الأنعام : ٩٨ )، وكما سيجيء في أول سورة الرعد ( ٢ ) ) الله الذي رفع السماوات بغير عمد قرونها. وذكر في خلال ذلك تفصيل الآيات إلى قوله : وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنّا تراباً إنّا لفي خلق جديد ( ( الرعد : ٥ ). وكذلك ذكر الدلائل على وحدانية الله باستقلاله بالخلق، كقوله :( وخلق كلّ شيء وهو بكلّ شيء عليم ذلكم الله ربّكم لا إله إلاّ هو خالق كلّ شيء فاعبدوه إلى قوله وكذلك نفصّل الآيات وليقولوا دَرَست ( ( الأنعام : ١٠١ ١٠٥ ) الخ، وكقوله في الاستدلال على انفراده بأنواع الهداية ) وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر قد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون ). ولمّا كان نزول القرآن على الرسول عليه الصلاة والسلام حجّة على صدقه في إخباره أنّه مُنزل من عند الله لمَا اشتمل عليه من العلوم وتفاصيل المواعظ وأحوال الأنبياء والأمم وشرع الأحكام مع كون الذي جاء به معلوم الأمية بينهم قد قضى شبابه بين ظهرانيهم، جعَله آية على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام فيما أخبر به عن الله تعالى، فسمّاه آيات في قوله :( وإذا تتلى عليهم آياتنا، بيّنات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ( ( الحج : ٧٢ ) فلم يشأ الله أن يجعل الدلائل على الأشياء من غير ما يناسبها.
أمّا الجهلة والضّالون فهم يرومون آيات من عجائب التصاريف الخارقة لنظام العالم، يريدون أن تكون علامة بينهم وبين الله على حسب اقتراحهم بأن يحييهم إليها إشارة منه إلى أنّه صدّق الرسول فيما بلّغ عنه، فهذا ليس من قبيل الاستدلال ولكنَّه من قبيل المخاطرة ليزعموا أنّ عدم إجابتهم لما اقترحوه علامة على أنّ الله لم يصدّق الرسول ( ﷺ ) في دعوى الرسالة. ومن أين لهم أنّ الله يرضى بالنزول معهم إلى هذا المجال، ولذلك قال تعالى :( قل إنّ الله قادر على أن ينزّل آية ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (، أي لا يعلمون ما وجه الارتباط بين دلالة الآية ومدلولها. ولذلك قال في الردّ عليهم في سورة الرعد ( ٧ ) ) ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربّه إنّما أنت منذر فهم جعلوا إيمانهم موقوفاً على أن تنزّل آية من السماء. وهم يعنون أنّ تنزيل آية من السماء جملة واحدة. فقد قالوا : لولا نُزّل عليه القرآن جملة واحدة ( ( الفرقان : ٣٢ ) وقالوا :


الصفحة التالية
Icon