" صفحة رقم ٢٤٦ "
بن الأسود، وخبّاب بن الأرتّ. وفي قول ابن مسعود ( فوقع في نفس رسول الله ما شاء الله ) إجمال بيِّنه ما رواه البيهقي أنّ رؤساء قريش قالوا لرسول الله : لو طردت هؤلاء الأعْبُدَ وأرواحَ جِبَابِهم ( جمع جُبّة ) جَلَسْنا إليك وحادثناك. فقال : ما أنا بطارد المؤمنين. فقالوا : فأقمهم عنّا إذا جئنا فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت، فقال : نعم، طَعماً في إيمانهم. فأنزل الله هذه الآية. ووقع في ( سنن ) ابن ماجة عن خبَّاب أنّ قائل ذلك للنبيء ( ﷺ ) الأقْرعُ بن حابس وعُبَيْنَةُ بن حِصْن، وأنّ ذلك سبب نزول الآية، وقال ابن عطية : هو بعيد لأنّ الآية مكية. وعيينة والأقرع إنَّما وفَدا مع وفد بني تميم بالمدينة سنة الوفود. اه. قلت : ولعلّ ذلك وقع منهما فأجابهم رسول الله ( ﷺ ) بهذه الآية التي نزلت في نظير اقتراحهما.
وفي سنده أسباط بن نصر أو نضر، ولم يكن بالقوي، وفيه السديّ ضعيف. وروي مثله في بعض التفاسير عن سلمان الفارسي، ولا يعرف سنده. وسمّى ابنُ إسحاق أنَّهم المستضعفون من المؤمنين وهم : خبَّاب، وعمَّار، وأبُو فُكيهة، يسار مَولى صفوان بن أمية بن مُحرّث، وصهيب وأشباههم، وأنّ قريشاً قالوا :( أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا ( ( الأنعام : ٥٣ ).
وذكر الواحدي في ( أسباب النزول ) : أنّ هذه الآية نزلت في حياة أبي طالب. فعن عكرمة قال : جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومُطعِم بن عدي، والحارثُ بن نوفل، في أشراف بني عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا : لو أنّ ابن أخيك محمداً يَطرد عنه موالينا وعبيدنا وعتقاءنا كان أعظم من صدورنا وأطمع له عندنا وأرجى لاتِّبَاعِنا إيَّاه وتصديقنا له. فأتى أبو طالب إلى النبي ( ﷺ ) فحدّثه بالذي كلَّموه، فقال عمر بن الخطاب : لو فعلت ذلك حتَّى ننظر ما الذي يريدون وإلامَ يصيرون من قولهم، فأنزل الله هذه الآية. فلمّا نزلت أقبل عمر يعتذر.
والمعنى أنّ رسول الله ( ﷺ ) لحرصه على إيمان عظماء قريش ليكونوا قدوة لقومهم ولعلمه بأنّ أصحابه يحرصون حرصه ولا يوحشهم أن يقاموا من المجلس إذا حضره عظماء قريش لأنّهم آمنوا يريدون وجه الله لا للرياء والسمعة ولكن الله نهاه عن ذلك. وسمَّاه طرداً تأكيداً لمعنى النهي، وذلك لحكمة : وهي كانت أرجح من الطمع في إيمان أولئك، لأنّ الله اطّلع على


الصفحة التالية
Icon