" صفحة رقم ٢٥١ "
لاستكمال التعليل، ولذلك عطف على العلّة، لأنّ مجموع مدلول الجملتين هو العلّة، أي حسابهم ليس عليك كما أنّ حسابك ليس عليهم بل على نفسك، إذ كلّ نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزْر أخرى. فكما أنّك لا تنظُر إلاّ إلى أنَّهم مؤمنون، فهم كذلك لا يطلب منهم التفريط في حق من حقوق المؤمنين لتسديد رغبة منك في شيء لا يتعلّق بهم أو لتحصيل رغبة غيرهم في إيمانه. وتقديم المسند على المسند إليه هنا كتقديمه في نظيره السابق.
وفي قوله :( وما من حسابك عليهم من شيء ( تعريض بالمشركين بأنَّهم أظهروا أنّهم أرادوا بطرد ضعفاء المؤمنين عن مجلس الرسول ( ﷺ ) النصح له ليكتسب إقبال المشركين عليه والإطماع بأنَّهم يؤمنون به فيكثر متَّبعوه.
ثم بهذا يظهر أن ليس المعنى : بل حسابهم على الله وحسابك على الله، لأنّ هذا غير مناسب لسياق الآية، ولأنَّه يصير به قوله :( وما من حسابك عليهم من شيء ( مستدركاً في هذا المقام، ولذلك لم يتكرّر نظير هذه الجملة الثانية مع نظير الجملة الأولى فيما حكى الله عن نوح ) إن حسابهم إلاّ على ربِّي في سورة الشعراء ( ١١٣ ) لأنّ ذلك حكي به ما صدر من نوح وما هنا حكي به كلام الله تعالى لرسوله، فتنبّهْ.
ويجوز أن يكون تقديم المسند في الموضعين من الآية لمجرّد الاهتمام بنفي اللزوم والوجوب الذي دلّ عليه حرف ( على ) في الموضعين لا سيما واعتبار معنى القصر في قوله وَمَا مِن حسابك عليهم من شيء ( غيرُ واضح، لأنَّنا إذا سلَّمنا أن يكون للرسول عليه الصلاة والسلام شِبْه اعتقاد لزوممِ تتَّبع أحوالهم فقُلب ذلك الإعتقاد بالقصر، لا نجد ذلك بالنسبة إلى ) الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشي ( إذ لا اعتقاد لهم في هذا الشأن.
وقدّم البيان على المبيَّن في قوله :( وما من حسابك عليهم من شيء ( لأنّ الأهمّ في المقامين هو ما يختصّ بالمخاطب المعرِّضُ فيه بالذين سألوه الطرد لأنَّه المقصود بالذات، وإنَّما جيء بالجملة الثانية لاستكمال التعليل كما تقدّم.
وقوله :( فتطردهم ( منصوب في جواب النهي الذي في قوله :( ولا تطرُد الذين يدعون ربَّهم ). وإعادة فعل الطرد دون الاقتصار على قوله :( فتكونَ من الظالمين (،