" صفحة رقم ١٢٧ "
) مما رزقكم الله ( لما في صلة الموصول من الإيماء إلى تضليل الّذين حرّموا على أنفسهم، أو على بعضهم، الأكل من بعضها، فعطّلوا على أنفسهم بعضاً ممّا رزقهم الله.
ومعنى :( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ( النّهي عن شؤون الشّرك فإنّ أول خطوات الشّيطان في هذا الغرض هي تسويلهُ لهم تحريم بعض ما رزقهم الله على أنفسهم. وخطوات الشّيطان تمثيل، وقد تقدّم عند قوله تعالى :( يأيّها النّاس كلوا ممّا في الأرض حلالاً طيّباً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان في سورة البقرة ( ١٦٨ ).
وجملة : إنه لكم عدوٌ مبين ( تعليل للنّهي، وموقع ( إنّ ) فيه يغني عن فاء التّفريع كما تقدّم غير مرّة، وقد تقدّم بيانه في آية البقرة.
٣، ١٤٤ ) ) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَاذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).
" صفحة رقم ١٢٧ "
الله الجثمانية ما يناله غيرهم، فيغاثون بالمَطَر، ويأتيهم الرّزق من الله، وهذا بيان لحال خذلانهم في الدّنيا الحائل بينهم وبين وسائل دخول الجنّة. كما قال النّبيء ( ﷺ ) ( كلّ ميسَّر لِمّا خُلِق له ) وقال تعالى :( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ( ( الليل : ٥ ١٠ ).
وقرأ نافع، وابن كثير، وعاصم، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوبُ :( لا تُفَتَّح ( بضمّ التّاء الأولى وفتح الفاء والتّاءِ الثّانية مشدّدة وهو مبالغة في فَتح، فيفيد تحقيق نفي الفتح لهم، أو أشير بتلك المبالغة إلى أن المنفي فتح مخصوص وهو الفتح الذي يفتح للمؤمنين، وهو فتح قوي، فتكون تلك الإشارة زيادة في نكايتهم.
وقرأ أبو عَمرو بضمّ التّاء الأولى وسكون الفاء وفتح التّاء الثّانية مخفّفة. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلَف ) لا يُفتَحُ ( بمثنّاة تحتيّة في أوّله مع تخفيف المثنّاة الفوقيه مفتوحة على اعتبار تذكير الفعل لأجل كون الفاعل جمعاً لمذكّر.
وقوله :( ولا يدخلون الجنّة ( اخبار عن حالهم في الآخرة وتحقيق لخلودهم في النّار.
وبعد أن حُقّق ذلك بتأكيد الخبر كلّه بحرف التّوكيد، زيد تأكيداً بطريق تأكيد الشّيء بما يشبه ضدّه، المشتهرِ عند أهل البيان بتأكيد المدح بما يُشْبه الذّم، وذلك بقوله تعالى :( حتى يلج الجمل في سم الخياط ( فقد جعل لانتفاء دخولهم الجنّة امتداداً مستمراً، إذْ جعل غايته شيئاً مستحيلاً، وهو أن يَلج الجمل في سَمّ الخياط، أي لو كانت لانتفاء دخولهم الجنّة غايةٌ لكانت غايتُه ولوجَ الجْمل وهو البعير في سَمّ الخِياط، وهو أمر لا يكون أبداً.
والجَمَل : البعير المعروف للعرب، ضُرب به المثل لأنّه أشهر الأجسام في الضّخامة في عرف العرب. والخِياط هو المِخْيَط بكسر الميم وهو


الصفحة التالية
Icon