" صفحة رقم ٢٥١ "
وعن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، وقتادة وعطاء : أن المراد بالأنفال في هذه الآية الغنائِم مطلقاً. وجعلوا حكمها هنا أنها جُعلت لله وللرسول أي أن يقسمها الرسول ( ﷺ ) بحسب ما يراه، بلا تحديد ولا اطراد، وأن ذلك كان في أول قسمة وقعت ببدر كما في حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك بآية ) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ( ( الأنفال : ٤١ ) الآية إذ كان قد عين أربعة الأخماس للجيش، فجعل لله وللرسول الخمس، وجعل أربعة الأخماس حقاً للمجاهدين. يعني وبقي حكم الفيء المذكور في سورة الحشر غير منسوخ ولا ناسخ، فلذلك قال مالك والجمهور : لا نفل إلا من الخمس على الاجتهاد من الإمام وقال مالك :( إعطاء السَلَب من التنفيل )، وقال مجاهد : الأنفال هي خمس المغانم وهو المجعول لله والرسول ولذي القربى.
واللام في قوله ) للَّه ( على القول الأول في معنى الأنفال : لام الملك، لأن النفل لا يحسب من الغنائِم، وليس هو من حق الغزاة فهو بمنزله مال لا يعرف مستحقه، فيقال هو ملك لله ولرسوله، فيعطيه الرسول لمن شاء بأمر الله أو باجتهاده، وهذا ظاهر حديث سعد بن أبي وقاص في ( الترمذي ) إذ قال له رسول الله عليه الصلاة والسلام سألتني هذا السيف معنى السيف الذي تقدم ذكره في حديث مسلم ولم يكن لي وقد صار لي فهو لك ).
وأما على القول الثاني، الجامع لجميع المغانم، فاللام للاختصاص، أي : الأنفال تختص بالله والرسول، أي حكمُها وصرفها، فهي بمنزلة ( إلى ). تقول : هذا لك أي : إلى حكمك مردود، وأن أصحاب ذلك القول رأوا أن المغانم لم تكن في أول الأمر مخمسة بل كانت تقسم باجتهاد النبي ( ﷺ ) ثم خُمّست بآية ) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ( ( الأنفال : ٤١ ) الآية.
وعطف ( وللرسول ) على اسم الله لأن المقصود : الأنفالُ للرسول ( ﷺ ) يقسمها فذكر اسم الله قبل ذلك للدلالة على أنها ليس حقاً للغزاة وإنما هي لمن يعينه الله بوحيه فذكر اسم الله لفائدتين : أولاهما : أن الرسول إنما يتصرف في الأنفال بإذن الله توقيفاً أو تفويضاً. والثانية : لتشمل الآية تصرف أمراء الجيوش في غيبة الرسول أو بعد وفاته ( ﷺ ) لأن ما كان حقاً لله كان التصرف فيه لخلفائه.


الصفحة التالية
Icon