" صفحة رقم ٣٣٩ "
وعن الأصمعي قلت لمنتجع بن نبهان ( ما تَمكُو ) فشبك بين أصابعه ثم وضعها على فمه ونفخ.
والتصدية التصفيق مشتقاً من الصدى وهو الصوت الذي يرده الهواء محاكياً لصوت صالح في البراح من جهة مقابلة.
ولا تعرف للمشركين صلاة، فتسمية مكائهم وتصديتهم صلاة مشاكلة تقديرية ؛ لأنهم لما صدوا المسلمين عن الصلاة وقراءة القرآن في المسجد الحرام عند البيت. كان من جملة طرائق صدهم إياهم تشغيبهم عليهم وسخريتهم بهم يحاكون قراءة المسلمين وصلاتهم بالمُكاء والتصدية، قال مجاهد :( فَعَل ذلك نفر من بني عبد الدار يخلطون على محمد صلاته ) وبنو عبد الدار هم سدنة الكعبة وأهل عمارة المسجد الحرام فلما فعلوا ذلك للاستسخار من الصلاة سمي فعلهم ذلك صلاة على طريقة المشاكلة التقديرية، والمشاكلة ترجع إلى استعارة علاقتها المشاكلة اللفظية أو التقديرية فلم تكن للمشركين صلاة بالمكاء والتصدية، وهذا الذي نحاه حذاق المفسرين : مجاهد، وابن جبير، وقتادة، ويؤيد هذا قوله :( فذُوقوا العذاب بما كنتم تكفُرون ( ( الأحقاف : ٣٤ ) لأن شأن التفريع أن يكون جزاء على العمل المحكي قبله، والمكاء والتصدية لا يعدان كفراً إلاّ إذا كانا صادرين للسخرية بالنبي ( ﷺ ) وبالدين، وأما لو أريد مجرد لهو عملوه في المسجد الحرام فليس بمقتض كونَه كفراً إلاّ على تأويله بأثر من آثار الكفر كقوله تعالى :( إنما النسيء زيادة في الكفر ( ( التوبة : ٣٧ ).
ومن المفسرين من ذكر أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة ويمكّون ويصفقون روي عن ابن عباس كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفقون ويصغرون، وعليه فإطلاق الصلاة على المكاء والتصدية مجاز مرسل، قال طلحة بن عمرو : أراني سعيد بن جبير المكان الذي كانوا يمكّون فيه نحو أبي قبيس، فإذا صح الذي قاله طلحة بن عمرو فالعندية في قوله :( عند البيت ( بمعنى مطلق المقاربة وليست على حقيقة ما يفيده ( عند ) من شدة القرب.
ودل قوله :( فذوقوا العذاب ( على عذاب وَاقع بهم، إذ الأمر هنا للتوبيخ والتغليظ وذلك هو العذاب الذي حل بهم يوم بدر، من قتل وأسر وحَرَب ( بفتح الراء ).