لما أنزل منزلة صَرَف. وقال قوم :"إلى" بمعنى مع، وفيه ضعف. وقال قوم :"إلى" بمعنى الباء، وهذا يأباه الخليل وسيبويه. وقيل : المعنى وإذا خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم، فـ "إلى" على بابها. والشياطين جمع شيطان على التكسير، وقد تقدم القول في اشتقاقه ومعناه في الاستعاذة. واختلف المفسرون في المراد بالشياطين هنا، فقال ابن عباس والسدي : هم رؤساء الكفر. وقال الكلبي : هم شياطين الجن. وقال جمع من المفسرين : هم الكهان. ولفظ الشيطنة الذي معناه البعد عن الإيمان والخير يعم جميع من ذكر. والله أعلم.
قوله تعالى :﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ أي مكذبون بما ندعى إليه. وقيل : ساخرون. والهزء : السخرية واللعب، يقال : هزئ به واستهزأ، قال الراجز :
قد هزئت مني أم طيسلة | قالت أراه معدِما لا مال له |
وقيل : أصل الاستهزاء : الانتقام، كما قال الآخر :
قد استهزؤوا منهم بألفي مدجج | سراتهم وسط الصحاصح جثّم |
الأية ١٥ :
﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾
قوله تعالى :
﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ أي ينتقم منهم ويعاقبهم، ويسخر بهم ويجازيهم على استهزائهم، فسمى العقوبة باسم الذنب. هذا قول الجمهور من العلماء، والعرب تستعمل ذلك كثيرا في كلامهم، من ذلك قول عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا | فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
فسمى انتصاره جهلا، والجهل لا يفتخر به ذو عقل، وإنما قال ليزدوج الكلام فيكون أخف على اللسان من المخالفة بينهما. وكانت العرب إذا وضعوا لفظا بإزاء لفظ جوابا له وجزاء ذكروه بمثل لفظه وإن كان مخالفا له في معناه، وعلى ذلك جاء القرآن والسنة. وقال