ظهر هذه الأرض من دابة من نبي ولا غيره ؛ وهذا قول الحسن. وقال ابن مسعود وقرأ هذه الآية : لو أخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذاب جميع الخلق حتى الجعلان في حجرها، ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل ؛ كما قال :﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى : ٣٠]. ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم. أو الوقت المعلوم عند الله عز وجل. وقرأ ابن سيرين ﴿جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ بالجمع وقيل :﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم. ﴿لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ وقد تقدم. فإن قيل : فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم ؟ قيل : يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء، وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة. وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم". وعن أم سلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت قال رسول الله ﷺ :"يعوذ بالبيت عائذ فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم" فقلت : يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها ؟ قال :"يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته". وقد أتينا على هذا المعنى مجودا في "كتاب التذكرة" وتقدم في "المائدة" وآخر "الأنعام" ما فيه كفاية، والحمد لله. وقيل "فإذا جاء أجلهم" أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم.
الآية : ٦٢ ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ أي من البنات. ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ﴾ أي وتقول ألسنتهم الكذب. ﴿أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾ قال مجاهد : هو قولهم أن لهم البنين ولله البنات "الكذب" مفعول "تصف" و"أن" في محل نصب بدل من الكذب ؛ لأنه


الصفحة التالية
Icon