﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ﴾ فأسند الإعجاب إلى الأموال، والمعنى : لا تعجبك يا محمد أموالهم. ويزيدك وضوحا قول الزجاج : إن المعنى لا تصرف بصرك عنهم إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة.
قوله تعالى :﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ قال : نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وذلك أنه دعا النبي ﷺ إلى أمر كرهه من تجرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا﴾ يعني من ختمنا على قلبه عن التوحيد. ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ يعني الشرك. ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ قيل هو من التفريط الذي هو التقصير وتقديم العجز بترك الإيمان. وقيل : من الإفراط ومجاوزة الحد، وكان القوم قالوا : نحن أشراف مضر إن أسلمنا أسلم الناس ؛ وكان هذا من التكبر والإفراط ف في القول. وقيل :"فرطا" أي قدما في الشر ؛ من قولهم : فرط منه أمر أي سبق. وقيل : معنى ﴿أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ﴾ وجدناه غافلا ؛ كما تقول : لقيت فلانا فأحمدته ؛ أي وجدته محمودا. وقال عمرو بن معد يكرب لبني الحارث بن كعب : والله لقد سألناكم فما أبخلناكم، وقاتلناكم فما أجبناكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم ؛ أي ما وجدناكم بخلاء ولا جبناء ولا مفحمين. وقيل : نزلت :﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ في عيينة بن حصن الفزاري ؛ ذكره عبدالرزاق، وحكاه النحاس عن سفيان الثوري. والله اعلم.
الآية : ٢٩ ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً﴾
قوله تعالى :﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ "الحق" رفع على خبر الابتداء المضمر ؛ أي قل هو الحق. وقيل : هو رفع على الابتداء، وخبره في قوله :