أنها تصير مزلقة، بل المراد أنها لا يبقى فيها نبات كالرأس إذا حلق لا يبقى عليه شعر ؛ قاله القشيري. ﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً﴾ أي غائرا ذاهبا، فتكون أعدم أرض للماء بعد أن كانت أوجد أرض للماء. والغور مصدر وضع موضع الاسم ؛ كما يقال : رجل صوم وفطر وعدل ورضا وفضل وزور ونساء نوح ؛ ويستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع. قال عمرو بن كلثوم :
تظل جياده نوحا عليه... مقلدة أعنتها صفونا
آخر :
هريقي من دموعهما سجاما... ضباع وجاوبي نوحا قياما
أي نائحات. وقيل : أو يصبح ماؤها ذا غور ؛ فحذف المضاف ؛ مثل :﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف : ٨٢] ذكره النحاس. وقال الكسائي : ماء غور. وقد غار الماء يغور غورا وغوورا، أي سفل في الأرض، ويجوز الهمزة لانضمام الواو. وغارت عينه تغور غورا وغوورا ؛ دخلت في الرأس. وغارت تغار لغة فيه. وقال :
أغارت عينه أم لم تغارا
وغارت الشمس تغور غيارا، أي غربت. قال أبو ذؤيب :
هل الدهر إلا ليلة ونهارها... وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
﴿فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً﴾ أي لن تستطيع رد الماء الغائر، ولا تقدر عليه بحيلة. وقيل : فلن تستطيع طلب غيره بدلا منه. وإلى هذا الحديث انتهت مناظرة أخيه وإنذاره.
الآية : ٤٢ ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً﴾
قوله تعالى :﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ اسم ما لم يسم فاعله مضمر، وهو المصدر. ويجوز أن يكون المخفوض في موضع رفع. ومعنى "أحيط بثمره" أي أهلك ماله كله. وهذا أول ما حقق الله تعالى به إنذار أخيه. ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا﴾ أي فأصبح الكافر يضرب إحدى