يديه على الأخرى ندما ؛ لأن هذا يصدر من النادم. وقيل : يقلب ملكه فلا يرى فيه عوض ما أنفق ؛ وهذا لأن الملك قد يعبر عنه باليد، من قولهم : في يده مال، أي في ملكه مال. ودل قوله "فأصبح" على أن هذا الإهلاك جرى بالليل ؛ كقوله :﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ [القلم : ١٩] ويقال : أنفقت في هذه الدار كذا وأنفقت عليها. ﴿وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ أي خالية قد سقط بعضها على بعض ؛ مأخوذ من خوت النجوم تخوى خيا أمحلت، وذلك إذا سقطت ولم تمطر في نوئها. وأخوت مثله. وخوت الدار خواء أقوت، وكذلك إذا سقطت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾ [النمل : ٥٢] ويقال ساقطة ؛ كما يقال فهي خاوية على عروشها أي ساقطة على سقوفها ؛ فجمع عليه بين هلاك الثمر والأصل، وهذا من أعظم الجوانح، مقابلة على بغية. ﴿وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً﴾ أي يا ليتني عرفت نعم الله علي، وعرفت أنها كانت بقدرة الله ولم أكفر به. وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم.
الآية : ٤٣ ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً﴾
قوله تعالى :﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ "فئة" اسم "تكن" و"له" الخبر. "ينصرونه" في موضع الصفة، أي فئة ناصرة. ويجوز أن يكون "ينصرونه" الخبر. والوجه الأول عند سيبويه أولى لأنه قد تقدم "له". وأبو العباس يخالفه، ويحتج بقول الله عز وجل ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [الإخلاص : ٤]. وقد أجاز سيبويه الآخر. و"ينصرونه" على معنى فئة ؛ لأن معناها أقوام، ولو كان على اللفظ لقال ولم تكن له فئة تنصره ؛ أي فرقة وجماعة يلتجئ إليهم.
قوله تعالى :﴿وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً﴾ أي ممتنعا ؛ قاله قتادة. وقيل : مستردا بدل ما ذهب منه. وقد تقدم اشتقاق الفئة في "آل عمران". والهاء عوض من الياء التي نقصت


الصفحة التالية
Icon