قوله تعالى :﴿مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ﴾ أي القرآن فلم يؤمن به، ولم يعمل بما فيه ﴿فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً﴾ أي إثما عظيما وحملا ثقيلا. ﴿خَالِدِينَ فِيهِ﴾ يريد مقيمين فيه ؛ أي في جزائه وجزاؤه جهنم. ﴿وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً﴾ يريد بئس الحمل حملوه يوم القيامة. وقرأ داود بن رفيع ﴿فَإِنَّهُ يَحْمِلُ﴾.
قوله تعالى :﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ قراءة العامة ﴿يُنْفَخُ﴾ بضم الياء على الفعل المجهول. وقرأ أبو عمرو وابن إسحاق بنون مسمى الفاعل. واستدل أبو عمرو بقوله تعالى :﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ﴾ بنون.
وعن ابن هرمز ﴿يُنْفَخُ﴾ بفتح الياء أي ينفخ إسرافيل. أبو عياض :﴿فِي الصُّورِ﴾. الباقون ﴿فِي الصُّورِ﴾ وقد تقدم. وقرأ طلحة بن مصرف ﴿وَيُحْشَرُ﴾ بضم الياء المجرمون رفعا بخلاف المصحف. والباقون ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي المشركين. ﴿زُرْقاً﴾ حال من المجرمين، والزرق خلاف الكحل. والعرب تتشاءم بزرق العيون وتذمه ؛ أي تشوه خلقتهم بزرقة عيونهم وسواد وجوههم. وقال الكلبي والفراء :﴿زُرْقاً﴾ أي عميا. وقال الأزهري : عطاشا قد ازرقت أعينهم من شدة العطش ؛ وقاله الزجاج ؛ قال : لأن سواد العين يتغير ويزرق من العطش. وقيل : إنه الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة، يقال : ابيضت عيني لطول انتظاري لكذا. وقول خامس : إن المراد بالزرقة شخوص البصر من شدة الخوف ؛ قال الشاعر :

لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر كما كل ضبي من اللؤم أزرق
يقال : رجل أزرق العين، والمرأة زرقاء بينة الزرق. والاسم الزرقة. وقد زرقت عينه بالكسر وازرقت عينه ازرقاقا، وازرقت عينه ازريقاقا. وقال سعيد بن جبير : قيل لابن عباس في قوله :﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً﴾ وقال في موضع آخر :﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً﴾ [الإسراء : ٩٧] فقال : إن ليوم القيامة حالات ؛ فحالة يكونون فيه زرقا، وحالة عميا. ﴿يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ﴾ أصل الخفت في اللغة السكون، ثم قيل لمن خفض صوته خفته.


الصفحة التالية
Icon