يتسارون ؛ قاله مجاهد ؛ أي يقولون بعضهم لبعض في الموقف سرا. ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ﴾ أي ما لبثتم يعني في الدنيا، وقيل في القبور ﴿إِلَّا عَشْراً﴾ يريد عشر ليال. وقيل : أراد ما بين النفختين وهو أربعون سنة ؛ يرفع العذاب في تلك المدة عن الكفار - في قول ابن عباس - فيستقصرون تلك المدة. أو مدة مقامهم في الدنيا لشدة ما يرون من أهوال يوم القيامة ؛ ويخيل إلى أمثلهم أي أعدلهم قولا وأعقلهم وأعلمهم عند نفسه أنهم ما لبثوا إلا يوما واحدا يعني لبثهم في الدنيا ؛ عن قتادة ؛ فالتقدير : إلا مثل يوم. وقيل : إنهم من شدة هول المطلع نسوا ما كانوا فيه من نعيم الدنيا رأوه كيوم. وقيل : أراد بيوم لبثهم ما بين النفختين، أو لبثهم في القبور على ما تقدم. “وعشرا” و”يوما” منصوبان بـ “لبثتم”.
الآيات : ١٠٥ - ١٠٧ ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً، فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً، لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً﴾
الآية :]١٠٨[ ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً﴾
الآية :]١٠٩[ ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾
الآية :]١١٠[ ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾
قوله تعالى :﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾ أي عن حال الجبال يوم القيامة. ﴿فَقُلْ﴾ جاء هذا بفاء وكل سؤال في القرآن ﴿قُلْ﴾ بغير فاء إلا هذا، لأن المعنى إن سألوك عن الجبال فقل، فتضمن الكلام معنى الشرط وقد علم الله أنهم يسألونه عنها، فأجابهم قبل السؤال، وتلك أسئلة تقدمت سألوا عنها النبي ﷺ فجاء الجواب عقب السؤال ؛ فلذلك كان بغير فاء، وهذا سؤال لم يسألوه عنه بعد ؛ فتفهمه. ﴿يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً﴾ يطيرها. ﴿نَسْفاً﴾ قال ابن الأعرابي وغيره : يقلعها قلعا من أصولها ثم يصيرها رملا يسيل سيلا، ثم يصيرها كالصوف المنفوش تطيرها الرياح هكذا وهكذا قال : ولا يكون العهن من الصوف إلا المصبوغ، ثم كالهباء المنثور. ﴿فَيَذَرُهَا﴾ أي يذر مواضعها ﴿قَاعاً صَفْصَفاً﴾ القاع الأرض الملساء


الصفحة التالية
Icon