قوله تعالى :﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ أي من أمر الساعة. ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ من أمر الدنيا قاله قتادة. وقيل : يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ ما خلفوه وراءهم في الدنيا. ثم قيل : الآية عامة في جميع الخلق. وقيل : المراد الذين يتبعون الداعي. والحمد لله.
قوله تعالى :﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ الهاء في ﴿بِهِ﴾ لله تعالى ؛ أي أحد لا يحيط به علما ؛ إذ الإحاطة مشعرة بالحد ويتعالى الله عن التحديد. وقيل : تعود على العلم ؛ أي أحد لا يحيط علما بما يعلمه الله. وقال الطبري الضمير في ﴿أَيْدِيهِمْ﴾ و﴿خَلْفَهُمْ﴾ و﴿يُحِيطُونَ﴾ يعود على الملائكة ؛ أعلم الله من يعبد ها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها.
الآيتان : ١١١ - ١١٢ ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً، وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً﴾
قوله تعالى :﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ﴾ أي ذلت وخضعت ؛ قاله ابن الأعرابي وغيره. ومنه قيل للأسير عان. قال أمية بن أبي الصلت :

مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد
وقال أيضا :
وعنا له وجهي وخلقي كله في الساجدين لوجهه مشكورا
قال الجوهري عنا يعنو خضع وذل وأعناه غيره ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾. ويقال أيضا : عنا فهم فلان أسيرا ؛ أي قام فيهم على إساره واحتبس. وعناه غيره تعنية حبسه. والعاني الأسير. وقوم عناة ونسوة عوان. وعنت أمور نزلت. وقال ابن عباس :﴿عَنَتِ﴾ ذلت. وقال مجاهد : خشعت. الماوردي : والفرق بين الذل والخشوع - وإن تقارب معناهما - أن الذل أن يكون ذليل النفس، والخشوع أن يتذلل لذي طاعة. وقال الكلبي ﴿عَنَتِ﴾ أي علمت. عطية العوفي : استسلمت. وقال طلق


الصفحة التالية
Icon