﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً﴾. وعند هذا قال الشافعي : هو قبل أن يحد شر منه حين حد ؛ لأن الحدود كفارات فكيف ترد شهادته في أحسن حاليه دون أخسهما.
قلت : هكذا قال ولا خلاف. وقد تقدم عن ابن الماجشون أنه بنفس القذف ترد شهادته. وهو قول الليث والأوزاعي والشافعي : ترد شهادته وإن لم يحد ؛ لأنه بالقذف يفسق، لأنه من الكبائر فلا تقبل شهادته حتى تصح براءته بإقرار المقذوف له بالزنى أو بقيام البينة عليه.
السادسة والعشرون : قوله تعالى :﴿وَأَصْلَحُوا﴾ يريد إظهار التوبة. وقيل : وأصلحوا العمل. ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ حيث تابوا وقبل توبتهم.
الآيات : ٦ - ١٠ ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾
فيه ثلاثون مسألة :-
الأولى : قوله تعالى :﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ ﴿أَنْفُسُهُمْ﴾ بالرفع على البدل. ويجوز النصب على الاستثناء، وعلى خبر ﴿يَكُنْ﴾. ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ﴾ بالرفع قراءة الكوفيين على الابتداء والخبر ؛ أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القذف أربع شهادات. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو ﴿أربعَ﴾ بالنصب ؛ لأن معنى ﴿فَشَهَادَةُ﴾ أن يشهد ؛ والتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات، أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات ؛ ولا خلاف في الثاني أنه منصوب بالشهادة. ﴿وَالْخَامِسَةُ﴾ رفع بالابتداء.