ذي الشرف أي من آمن به كان شرفا له في الدارين ؛ كما قال تعالى :﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾ أي شرفكم. وأيضا القرآن شريف في نفسه لإعجازه واشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره. وقيل :﴿ ذِي الذِّكْرِ ﴾ أي فيه ذكر ما يحتاج إليه من أمر الدين. وقيل :﴿ ذِي الذِّكْرِ ﴾ أي فيه ذكر أسماء الله وتمجيده. وقيل : أي ذي الموعظة والذكر. وجواب القسم محذوف. واختلف فيه على أوجه : فقيل جواب القسم ﴿ص﴾ ؛ لأن معناه حق فهي جواب لقوله :﴿ وَالْقُرْآنِ ﴾ كما تقول : حقا والله، نزل والله، وجب والله ؛ فيكون الوقف من هذا الوجه على قوله :﴿ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾ حسنا، وعلى ﴿ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ تماما. قال ابن الأنباري. وحكى معناه الثعلبي عن الفراء. وقيل : الجواب ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ لأن ﴿بل﴾ نفي لأمر سبق وإثبات لغيره ؛ قاله القتبي ؛ فكأنه قال :﴿والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق﴾ عن قبول الحق وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. أو ﴿ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾ ما الأمر كما يقولون من أنك ساحر كذاب ؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة بل هم في تكبر عن قبول الحق. وهو كقوله :﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. بَلْ عَجِبُوا ﴾. وقيل : الجواب ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ كأنه قال : والقرآن لكم أهلكنا ؛ فلما تأخرت ﴿كم﴾ حذفت اللام منها ؛ كقوله تعالى :﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ ثم قال :﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾ أي لقد أفلح. قال المهدوي : وهذا مذهب الفراء. ابن الأنباري : فمن هذا الوجه لا يتم الوقف على قوله :﴿ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾. وقال الأخفش : جواب القسم ﴿ إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ﴾ ونحو منه قوله تعالى :﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ وقوله :﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾ إلى قوله ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ ﴾. ابن الأنباري : وهذا قبيح ؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما وكثرت الآيات والقصص. وقال الكسائي : جواب القسم قوله :﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾ ابن الأنباري : وهذا أقبح من الأول ؛ لأن الكلام أشد طولا فيما بين القسم وجوابه. وقيل الجواب قوله :﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ وقال قتادة : الجواب محذوف تقديره ﴿ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾ لتبعثن ونحوه.