﴿ أَمَّنْ ﴾ فالمعنى العاصون المتقدم ذكرهم خير ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ﴾ فالجملة التي عادلت أم محذوفة، والأصل أم من فأدغمت في الميم. النحاس : وأم بمعنى بل، ومن بمعنى الذي ؛ والتقدير : أم الذي هو قانت أفضل ممن ذكر. وفي قانت أربعة أوجه : أحدها : أنه المطيع ؛ قاله ابن مسعود. الثاني : أنه الخاشع في صلاته ؛ قاله ابن شهاب. الثالث : أنه القائم في صلاته ؛ قاله يحيى بن سلام. الرابع : أنه الداعي لربه. وقول ابن مسعود يجمع ذلك. وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال :"كل قنوت في القرآن فهو طاعة لله عز وجل" وروي عن جابر عن النبي ﷺ أنه سئل أي الصلاة أفضل ؟ فقال :"طول القنوت" وتأوله جماعة من أهل العلم على أنه طول القيام. وروى عبدالله عن نافع عن ابن عمر سئل عن القنوت فقال : ما أعرف القنوت إلا طول القيام، وقراءة القرآن. وقال مجاهد : من القنوت طول الركوع وغض البصر. وكان العلماء إذا وقفوا في الصلاة غضوا أبصارهم، وخضعوا ولم يلتفتوا في صلاتهم، ولم يعبثوا ولم يذكروا شيئا من أمر الدنيا إلا ناسين. قال النحاس : أصل هذا أن القنوت الطاعة، فكل ما قيل فيه فهو طاعة لله عز وجل، فهذه الأشياء كلها داخلة في الطاعة وما هو أكثر منها كما قال نافع : قال لي ابن عمر قم فصل فقمت أصلي وكان علي ثوب خلق، فدعاني فقال لي : أرأيت لو وجهتك في حاجة أكنت تمضى هكذا ؟ فقلت : كنت أتزين قال : فالله أحق أن تتزين له. واختلف في تعيين القانت ها هنا، فذكر يحيى بن سلام أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس في رواية الضحاك عنه : هو أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وقال ابن عمر : هو عثمان رضي الله عنه. وقال مقاتل : إنه عمار بن ياسر. الكلبى : صهيب وأبو ذر وابن مسعود. وعن الكلبي أيضا أنه مرسل فيمن كان على هذه الحال. ﴿ آنَاءَ اللَّيْلِ ﴾ قال الحسن : ساعاته ؛ أوله وأوسطه وآخره. وعن ابن عباس :﴿ آنَاءَ اللَّيْلِ ﴾ جوف الليل. قال ابن عباس : من أحب أن يهون الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه. وقيل : ما بين المغرب والعشاء. وقول الحسن عام. ﴿ يَحْذَرُ الآخِرَةَ ﴾ قال سعيد بن جبير : أي عذاب الآخرة. ﴿ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ أي