فقال :﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ وفي الترمذي عن عبدالله قال : جاء يهودي إلى النبي ﷺ، فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك. فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه ثم قال :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾. قال : هذا حديث حسن صحيح. وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :"يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض". وفي الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله ﷺ عن قوله :﴿ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ قالت : قلت فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال :"على جسر جهنم" في رواية :"على الصراط يا عائشة" قال : حديث حسن صحيح. وقوله :﴿ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ﴾ :"ويقبض الله الأرض" عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ؛ يقال : ما فلان إلا في قبضتي، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي، والناس يقولون الأشياء في قبضته يريدون في ملكه وقدرته. وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه فقوله جل وعز :﴿ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ﴾ يحتمل أن يكون المراد به والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة، والمراد بالأرض الأرضون السبع ؛ يشهد لذلك شاهدان : قوله :﴿ وَالأَرْضُ جَمِيعاً ﴾ ولأن الموضع موضع تفخيم وهو مقتضٍ للمبالغة. وقوله :﴿ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب ؛ يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره. وانطوى عنا دهر بمعنى المضى والذهاب. واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ َوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ يريد به الملك ؛ وقال :﴿ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ أي بالقوة والقدرة أي لأخذنا قوته وقدرته. قال الفراء والمبرد : اليمين القوة والقدرة. وأنشدا :
إذا ما راية رفعت لمجد | تلقاها عرابة باليمين |