فصيحا بالعربية، والعربي قد يكون غير فصيح ؛ فالنسبة إلى الأعجمي آكد في البيان. والمعنى أقرآن أعجمي، ونبي عربي ؟ وهو استفهام إنكار. وقرأ الحسن وأبو العالية ونصر بن عاصم والمغيرة وهشام عن ابن عامر ﴿ أَأَعْجَمِيٌّ ﴾ بهمزة واحدة على الخبر. والمعنى ﴿ لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ﴾ فكان منها عربي يفهمه العرب، وأعجمي يفهمه العجم. وروى سعيد بن جبير قال : قالت قريش : لولا أنزل القرآن أعجميا وعربيا فيكون بعض آياته عجميا وبعض آياته عربيا فنزلت الآية. وأنزل في القرآن من كل لغة فمنه ﴿السجَّيل﴾ وهي فارسية وأصلها سنك كيل ؛ أي طين وحجر، ومنه ﴿ الْفِرْدَوْسِ ﴾ رومية وكذلك ﴿القِسطاس﴾ وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو وابن ذكوان وحفص على الاستفهام، إلا أنهم لينوا الهمزة على أصولهم. والقراءة الصحيحة قراءة الاستفهام. والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ ﴾ أعلم الله أن القرآن هدى وشفاء لكل من آمن به من الشك والريب والأوجاع. ﴿ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ ﴾ أي صمم عن سماع القرآن. ولهذا تواصوا باللغو فيه. ونظير هذه الآية :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ﴾ وقد مضى مستوفى. وقراءة العامة ﴿ عَمىً ﴾ على المصدر. وقرأ ابن عباس وعبدالله بن الزبير وعمرو بن العاص ومعاوية وسليمان بن قتة ﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً ﴾ بكسر الميم أي لا يتبين لهم. واختار أبو عبيد القراءة الأولى ؛ لإجماع الناس فيها ؛ ولقوله أولا :﴿ هُدىً وَشِفَاءٌ ﴾ ولوكان هاد وشاف لكان الكسر في ﴿عَمىً ﴾ أجود ؛ ليكون نعتا مثلهما ؛ تقديره :﴿ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ في ترك قبوله بمنزلة من في آذانهم ﴿وقر﴾. ﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً ﴾ يعني القرآن ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ ذو عمى، لأنهم لا يفقهون فحذف المضاف. وقيل المعنى والوقر عليهم عمى. ﴿ أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ يقال ذلك لمن لا يفهم من التمثيل. وحكى أهل اللغة أنه يقال للذي يفهم : أنت تسمع من قريب. ويقال للذي لا يفهم : أنت تنادى من بعيد. أي كأنه ينادى من موضع بعيد منه فهو لا يسمع النداء