﴿ما﴾ و ﴿ذا﴾ في موضع نصب بـ ﴿تعبدون﴾. ﴿أئفكا﴾ نصب على المفعول به ؛ بمعنى أتريدون إفكا. قال المبرد : والإفك أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض. ﴿آلهة﴾ بدل من إفك ﴿دون الله تريدون﴾ أي تعبدون. ويجوز أن يكون حالا بمعنى أتريدون ألهة من دون الله آفكين. ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ أي ما ظنكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره ؟ فهو تحذير، مثل قوله :﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [ الانفطار : ٦]. وقيل : أي شيء أوهمتموه حتى أشركتم به غيره.
قوله تعالى :﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ﴾ قال ابن زيد عن أبيه : أرسل إليه ملكهم إن غدا عيدنا فاخرج معنا، فنظر إلى نجم طالع فقال : إن هذا يطلع مع سقمي. وكان علم النجوم مستعملا عندهم منظورا فيه، فأوهمهم هو من تلك الجهة، وأراهم من معتقدهم عذرا لنفسه ؛ وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم. وقال ابن عباس : كان علم النجوم من النبوة، فلما حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون أبطل ذلك، فكان نظر إبراهيم فيها علما نبويا. وحكى جويبر عن الضحاك. كان علم النجوم باقيا إلى زمن عيسى عليه السلام، حتى دخلوا عليه في موضع لا يطلع عليه منه، فقالت لهم مريم : من أين علمتم بموضعه ؟ قالوا : من النجوم. فدعا ربه عند ذلك فقال : اللهم لا تفهمهم في علمها، فلا يعلم علم النجوم أحد ؛ فصار حكمها في الشرع محظورا، وعلمها في الناس مجهولا. قال الكلبي : وكانوا في قرية بين البصرة والكوفة يقال لهم هرمز جرد، وكانوا ينظرون في النجوم. فهذا قول. وقال الحسن : المعنى أنهم لما كلفوه الخروج معهم تفكر فيما يعمل. فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي ؛ أي فيما طلع له منه، فعلم أن كل حي يسقم فقال. ﴿إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم. وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تغشاه فيها الحمى. وقيل : المعنى فنظر فيما نجم من الأشياء فعلم أن لها خالقا