بأوليائه حتى عرفوه، ولو لطف بأعدائه لما جحدوه. وقال محمد بن علي الكتاني : اللطيف بمن لجأ إليه من عباده إذا يئس من الخلق توكل ورجع إليه، فحينئذ يقبله ويقبل عليه. وجاء في حديث النبي ﷺ :"إن الله تعالى يطلع على القبور الدوارس فيقول جل وعز امحت آثارهم واضمحلت صورهم وبقي عليهم العذاب وأنا اللطيف وأنا أرحم الراحمين خففوا عنهم العذاب فيخفف عنهم العذاب". قال أبو علي الثقفي رضي الله عنه :
أمر بأفناء القبور كأنني | أخو فطنة والثواب فيه نحيف |
ومن شق فاه الله قدر رزقه | وربي بمن يلجأ إليه لطيف |
وقيل : اللطيف الذي ينشر من عباده المناقب ويستر عليهم المثالب ؛ وعلى هذا قال النبي ﷺ :"يا من أظهر الجميل وستر القبيح". وقيل : هو الذي يقبل القليل ويبذل الجزيل. وقيل : هو الذي يجبر الكسير وييسر العسير. وقيل : هو الذي لا يخاف إلا عدله ولا يرجى إلا فضله. وقيل : هو الذي يبذل لعبده النعمة فوق الهمة ويكفله الطاعة فوق الطاقة ؛ قال تعالى :
﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل : ١٨]
﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان : ٢٠]، وقال :
﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج : ٧٨]،
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ [النساء : ٢٨]. وقيل : هو الذي يعين على الخدمة ويكثر المدحة. وقيل : هو الذي لا يعاجل من عصاه ولا يخيب من رجاه. وقيل : هو الذي لا يرد سائله يوئس آمله. وقيل : هو الذي يعفو عمن يهفو. وقيل : هو الذي يرحم من لا يرحم نفسه. وقيل. هو الذي أوقد في أسرار العارفين من المشاهدة سراجا، وجعل الصراط المستقيم لهم منهاجا، وأجزل لهم من سحائب بره ماء ثجاجا. وقد مضى في "الأنعام" قول أبي العالية والجنيد أيضا. وقد ذكرنا جميع هذا في (الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" عند اسمه اللطيف، والحمد لله.
﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾ ويحرم من يشاء. وفي تفضيل قوم بالمال حكمة ؛ ليحتاج